هل تعود جامعة سطات إلى الطوندونس باحتضان أكبر حفرة لـ “بوخرارة”؟

هل تعود جامعة سطات إلى الطوندونس باحتضان أكبر حفرة لـ “بوخرارة”؟

في الترتيب الأخير للمدن الذكية عبر العالم الصادر عن مركز التنافسية العالمي، التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية، لا يوجد أي أثر لمدينة سطات أو أي مدينة مغربية، لكن صدقا لو كان هناك معهد دولي يضع ترتيبا للمدن الغبية مع الاعتماد كمعيار لهذا الاستحقاق على مقارنة أداء المسؤولين الوظيفي ووقعه، لحصلت مدينة سطات على المرتبة الأولى، فمن فرط ذكاء بعض مسؤوليها أنهم سمحوا بتثبيت رادارات ذكية جديدة لتجهيز شوارع المدينة لمراقبة عدد من مخالفات السير دون استيفائها للشروط التقنية المنصوب عليها في التشريعات المغربية.

يا سادتي الكرام؛ ما مر علينا عام بهذا البؤس، مع أننا داخل مدينة سطات جربنا أعواماً بائسة كثيرة، لكن يعد مطلع سنة 2022 علامة فارقة في استمرار كوارثه ومآسيه، بعدما اعتقدنا أن القاسم الانتخابي نجح في تعبيد الطريق لمرور عدد من الخلف لينضاف إلى السلف، غير أن الفئة الأخيرة نظرا لتمرسها تعمدت احتضانهم للانضمام لنفس المدرسة الكلاسيكية للسياسة، ما يعني أن لا جديد يمكن أن يتحقق على أيديهم وفق مأثورة ألبيرت إنشتاين “الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة”، وها نحن نعاين كيف تحولت مدينة سطات من جديد إلى بقرة حلوب يتوزع حليبها بين أيدي بعضها فقط، حيث أن الرادارات التي تحتاجها ساكنة سطات هي من النوع الذكي الذي يمكنه مراقبة سرعة طبخ المشاريع في المقاهي عوض المكاتب ومن النوع الذي يدفع المشاريع للتوقف في الضوء الأحمر للشباك الوحيد لاستيفاء مختلف الشروط التقنية المحددة من طرف كل المتدخلين، قبل أن تنطلق المشاريع في مسارها الطبيعي بعد اشتعال الضوء الأخضر.

لكن يا سادتي الكرام؛ ولأن الرادارات السطاتية تكتفي برصد مخالفات السير فقط، فقد تم التأشير بقدرة قادر وفي رمشة عين من الأسابيع الأولى لاعتلاء المكتب المسير الجديد لبلدية سطات على مشروع استثماري ضخم بجوار جامعة الحسن الأول، أسال مداد عدد من الصحف المحلية والوطنية، علما أنه لا يختلف اثنان على أهميته الإقتصادية، لكن سرعة الترخيص الانفرادية وبراقية الانجاز أثارت أكثر من علامة استفهام، خاصة أن الرسم العقاري المنجز فوقه المشروع غير مجهز (شبكة التطهير، شبكة الماء الشروب)، ما يتنافي مع المادة 47 من قانون التعمير  بصيغته المحينة  بتاريخ 19 شتنبر 2016، التي تقول “لا تسلم رخصة البناء إذا كانت الأرض المزمع إقامة المبنى عليها غير موصولة بشبكة الصرف الصحي أو شبكة الماء الصالح للشرب”، فهل يتعلق الأمر بتسليم رخصة تجهيز أو رخصة بناء، علما أن المشروع وصل إلى مراحله الأخيرة من البناء في وقت لا زال يبحث له عن منافذ لربطه بشبكة التطهير؟ فأين كانت الرادارات الذكية لمراقبة الملف التقني للمشروع وتفحص طياته قبل التأشير على الرخصة؟

يا سادتي الكرام؛ ولأننا قلنا سابقا أن بعض مسؤولي سطات يمكن لهم أن يقودوا مدينة سطات لنيل ريادة المدن العالمية الغبية، فقد تم مراسلة رب المشروع مؤخرا من طرف المصالح الجماعية لدفعه إلى الإدلاء بالملف التقني للمشروع، علما أن هذه المرحلة متجاوزة بعد حصوله على الترخيص، فهل يتعلق الأمر بمحاولة البحث عن حصانة قانونية لمختلف الطهاة بمطبخ القرار، بعد وعيهم بجسامة العيوب القانونية والتقنية لطريقة الترخيص؟ أم هو شرك “مصيدة” للتملص من رب المشروع في حالة تعذر عليه إيجاد مخرج لإمكانية ربطه بشبكة التطهير بعد انصرام الأجل المحدد؟

يا سادتي الكرام؛ إن قراءة فنجان المشروع المذكور سلفا من الناحية التقنية، تبرز أن له عدد من الاحتمالات على مستوى ربطه بشبكة التطهير “الواد الحار”، حيث بإمكانه ربط قنواته مع قنوات الحي الجامعي التي تبقى طاقتها الاستيعابية محدودة، لكونها صممت لاستقبال المياه المستعملة القادمة من مراحيض لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة داخل الحرم الجامعي، إضافة لصعوبة الحصول على موافقة المكتب الوطني للأعمال الجامعية الاجتماعية والثقافية المكلف بتدبير الأحياء الجامعية بالمغرب تحت إشراف وزارة التعليم العالي، ما سيساهم لا محالة في تعقد المساطر نتيجة تعدد المتدخلين، الشيء الذي يتطلب وقتا لإنجاز هذه المسطرة القانونية، كما أن هناك حلا ثانيا يتمثل في ربط المشروع مع قنوات تجزئة المنظر الجميل التابعة للعمران، غير أن نفس الشيء يمكن أن يتكرر نظرا لأن الطاقة الاستيعابية لهذه التجزئة صممت من أجل سكن الفيلات ولا يمكن أن تتحمل مياه مستعملة جارفة قادمة من حي جامعي يتألف من العديد من ناطحات السحاب !!، الشيء الذي سيجعل أعطاب قنوات تصريف مياه الصرف الصحي متعددة ودائمة، في وقت هناك حل غبي ثالث يتمثل في اللجوء إلى  حفرة الصرف الصحي fosse septique التي عادة ما تستعمل في القرى والبوادي، لكن قنوات ربطها كان حري إنجازها قبل بناء صرح المشروع، علما أن هذا الطرح يتطلب تجهيزات لسحق ورق المراحيض المستعمل، مع مضخات ذات قوة كبيرة يمكنها تحمل دفع الماء دون توقف من منخفض طبوغرافي يتواجد عليه المشروع إلى آخر مرتفع يتمثل في تجزئة المنظر الجميل، الشيء الذي سيجعل المياه المستعملة ستتدفق تلقائيا في الاتجاه المعاكس محترمة المستوى البيزومتري “السفح الطبوفرافي” من تجزئة المنظر الجميل نحو المشروع بمجرد توقف المضخات ولو لهنيهة، كما أن عدم سحق الورق الصحي المستعمل، سيعمل على خنق القنوات المستعملة، فهل تتوفر إدارة المشروع على الإمكانيات والضمانات لجعل المضخات والآليات دائمة الاشتغال دون توقف؟ دون الحديث عن نفس الوضعية المذكورة ستتفاقم خلال فترة التساقطات ما سيساهم لا محالة في تعقد المشكل، الشيء الذي سيجعل طرح هذا الحل ظرفيا للحصول على الرخصة النهائية للسكن، في وقت تظهر المشاكل الواحدة تلو الأخرى في اليوم الأول من نشاط المشروع، ما سيفرز مشاكل الروائح الكريهة نتيجة التراكمات داخل حفرة الصرف الصحي، الشيء الذي سيشكل عنصر طرد للطلبة القاطنين والمتمدرسين عامة بجامعة الحسن الأول من جهة، وعنصر جذب لمختلف القوارض والحشرات من جهة ثانية… فهل ستسمح الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بتمرير هذه الخيارات والتأشير عليها؟ أم أن ما تبقى من ضمير أطرها سيعمل على صون كرامة أرملة الشاوية عبر توجيه رب المشروع وتأطير ملفه بالشكل القانوني والتقني المطلوبين؟

يا سادتي الكرام؛ إن مسؤولين يتوفرون على قدر من الاحترام للمسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقهم كان حري بهم الترجل عن سطوتهم والتعامل بقدر من الاحترام لذكاء المستثمر في المشروع السالف وتشجيعه، عبر البحث له عن حلول واقعية ملموسة قابلة للأجرأة بدل الدفع به إلى البحر تتلاطمه الأمواج، بحثا عن بر للامان من خلال أفكار مطروحة له تقوده كلها إلى تحويل مشروعه إلى جسد بدون روح لينضاف إلى لائحة المشاريع المتوقفة بمدينة سطات، أو ليضيف إلى القطب الجامعي للمفخرة العلمية لجامعة الحسن الأول، إنجازا جديدا بعد فضيحة “الجنس مقابل النقط” وفضيحة “البحوث الجامعية مقابل المال” يتمثل في أكبر حفرة لـ “بوخرارة”.

يا سادتي الكرام؛ إذا ما أريد بعروس الشاوية بتواطئ البعض من مسؤوليها أن تحتضن عنوة أكبر حفرة لـ “بوخرارة” وسط الصرح العلمي لجامعة الحسن الأول، لتنافس جارتها برشيد في الروائح الكريهة التي تشتم ريحتها مع مدخل عاصمة أولاد حريز، فإن رادارات وزارة الداخلية ورادارات المجلس الجهوي للحسابات لا يمكن ألا ترصد هذه التجاوزات الخطيرة ووتسمح بمرورها مرور الكرام، في القرن الواحد والعشرين، تفاديا لما يمكن أن يترتب عن هذه الخيارات المهزوزة التي تسير بوثيرة سريعة في ظروف مريبة، ستؤدي لا محالة إلى عواقب لا تحمد عقباها.

يتبع…