سطات كلها كَعْكَة.. فقط كل فرد يأكل منها بطريقته
نسْتنكر، نشْجُب، نُطَالب، نَسُب، نُشَهر..، كلمات من قاموس أضحى يؤثث الخطاب الانتقادي في كل مناحي الحياة، خصوصا على مستوى الفضاء الأزرق “فايسبوك”، حيث تنتزع عدد من الأحداث تعليقات رافضة، مرحبة أو ساخرة، لكن هل يتم استحضار ذواتنا العاقلة، الواعية عند مقاربة هذه المواضيع؟
المواطن يطالب بالتغيير، والسياسي يقود حملته الانتخابية تحت شعار التغيير، والمجالس المنتخبة تقدم وعودا بالتغيير، فهل تبادر إلى ذهن أحدهم أنهم أحد أسباب هذا الواقع البشع، فالمواطن الذي يطالب بتحرير الملك العمومي وتحرير الرصيف، تجده يتسابق إلى الطاولات الأولى على أرصفة المقاهي، ويتهافت على باعة الشوارع.
يا سادتي الكرام؛
المواطن يستنكر تدبير الشأن المحلي من طرف منتخبين دون المستوى، ويتناسى بأنه من حملهم إلى دفة التسيير إما بالانتخاب أو بالمقاطعة او عبر بيع صوته.. شباب سياسي خلف الحاسوب يلعن القائمين على الأحزاب ويطالبهم بالتشبيب في إطار محاربة الريع والفساد، وفي نفس الوقت، لا يبذل مجهودا لوقف نزيفه بعد نجاحه في الاستحقاقات الانتخابية لينطلق في ممارسة الفساد بطريقته وربما بطرق شبابية تتجاوز وقع سلفه.
يا سادتي الكرام؛
مواطن يشجب ترييف حاضرة الشاوية ويستنكر انتشار الدواب، ويتناسى بأن جيرانه من يعقلون دوابهم داخل الأحياء السكنية دون ردة فعل منه، بل قد تجد ابنه يربي الكلاب.
مواطن يلعن غياب النظافة وتقاعس الشركة المفوض لها بتدبير القطاع، فهل تذكر أحدهم أنهم من يرمون نفاياتهم خارج الحاويات بصفاقة في أركان الأزقة والشوارع دقائق بعد مرور الشاحنة المسؤولة، أو ربما ابنه قد يكون أحد أسباب تكسير الحاويات في الشوارع.
يا سادتي الكرام؛
مواطن بثوب الصحافة يستغل غسيل الكلية من “جنس مقابل النقط” و”بيع الشواهد العلمية”، وبالمقابل تجده يتسابق لنيل مقعد في الماستر أو الدكتوراه بدعوى التستر على الفضائح السالفة، دون استيفائه للمعايير العلمية.
مواطن يطالب بتوفير الأمن بمحيط المدارس لحماية فلذة كبده من الانحراف، ويتناسى أنه من انسلخ عن دوره الأسري بترك ابنه في الشارع إلى أوقات متأخرة من الليل.
يا سادتي الكرام؛
مواطن يطالب بالإشارات الضوئية وممرات الراجلين، ويسقط منه أنه من يخترق إشارة المرور بعد شرائه لأول مركبة ونفسه من يتحرك في الشوارع راجلا في جميع الاتجاهات دون أن يسلك ممر الراجلين.
مواطن يطالب بتجويد التعليم، وتناسى أنه من يشجع ابنه على التفاهة ونشرها على الانترنيت لرفع عائدات “اليوتوب”
سياسي ينعت الآخرين بالفساد والاقتات من السياسة، وتناسى أنه بعد اعتلائه المناصب ينطلق في البحث عن “الهَوْتَة” بنفس الطرق السالفة وربما أكثر…
أجل يا سادتي الكرام؛
لست بصدد التعميم، ولا تحميل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك، لكنها الحقيقة المرة، بأننا نتكلم عن كل شيء وننتقد كل شيء، إلا سلوكنا و مسؤوليتنا ولو بالصمت، ولو بغض الطرف، ولو بالاستكانة للتعليل الجاهز، ما يجعل المجلس البلدي ليس الوحيد المسؤول فيما سلف، فمدينة سطات كلها كعكة، فقط كل فرد يأكل منها بطريقته…
يا سادتي الكرام؛
عوض أن نجتهد في توصيف الظلام ولعنه طول الدهر فلنشعل شموعا، تنير الدرب وفق ما تقوله الحكمة الصينية ” أن تضيء شمعةً صغيرةً خير لك من أن تنفق عمرك تلعن الظلام”، وعوض تحميل الآخر المسؤولية، فلنتذكر أن الآخر بصورة أو أخرى هو نحن أو بمعنى آخر “نحن من صنعه”…فيا من يتظاهر بارتدائه ثوب الفضيلة…رجاء ارتداء زي آخر إضافي لستر عورتك المفضوحة!!!