تحقيق: سكوب ماروك يكشف حصريا تفاصيل مثيرة حول الدفعة الأولى من النفايات الإيطالية التي استقبلها المغرب
بعدما أثار خبر وصول باخرة محملة بـ 2500 طن من النفايات والأزبال الإيطالية إلى ميناء الجرف الأصفر بالجديدة، في انتظار نقلها إلى إقليمي برشيد وسطات قصد التخلص منها زوبعة وسط حماة البيئة خاصة وساكنة الجهة عامة، التي استنكرت حرق هذه النفايات، و وجهت انتقادات لاذعة إلى السلطات التي رخصت بحرق النفايات فوق أراضيها، ما يمثله ذلك من أضرار صحية وبيئية.
ونظرا للحساسية التي يشكلها الموضوع لأنه يشكل خطرا على صحة المواطن المغربي ارتأى سكوب ماروك النبش في العلبة السوداء لهذه الموضوع من خلال البحث عن سبب عدم إتلاف هذه النفايات بإيطاليا وتحمل السلطات الإيطالية دفع مصاريف و عناء نقلها للمغرب قصد إتلافها.
فكانت التحقيقات التي باشرها طاقم سكوب ماروك صادمة، حيث علم أن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينسي وعد ساكنة جهة كمبانيا بتخليصهم من مشكل النفايات المتراكمة بمنطقةTaverna del Re والتي أعلن مؤخرا أنه سيقوم بإتلافها خلال الثلاث سنوات.
وكانت الحكومة الجهوية الإيطالية قد أعلنت في مارس الماضي أنها خصصت 118 مليون اورو لإتلاف هذه النفايات المتراكمة عبر مختلف السنوات بجهة كامبانيا والتي كانت محط جدال واسع في السنوات الماضية تجلى أبرزها فيما عرف بـ "أزمة النفايات بنابولي".
وتقدر بعض المصادر أن حجم النفايات المتراكمة بجهة كامبانيا بحوالي 5 ملايين طن منها ما يعود إلى السنوات الأولى من الألفية الحالية، هذا فيما حذرت العديد من التقارير من خطورة النفايات على الإنسان والبيئة ويطلق على الأراضي التي تضم هذه النفايات ب "الأراضي المحروقة" بحيث لم تعد صالحة للزراعة نتيجة السموم التي تركتها هذه النفايات، بينما أشارت بعض التقارير القضائية إلى التحلل الذي أصاب هذه النفايات بعدما بقيت سنوات طويلة معرضة لجميع التأثيرات البيئية، وهو ما يجعل إحراقها في أفران خاصة مضرا بالبيئة هذا إضافة إلى أنها في الغالب عبارة عن مواد لا يمكن إحراقها كقطع غيار السيارات مثلا.
و ردا على كل هذا صرحت مصادر لسكوب ماروك أن عملية ادخال النفايات تمت بطريقة قانونية، وان هذه العملية ليست الاولى من نوعها، اذ اعتادت منح تراخيص لإدخال هذه النفايات التي يستعملها مصنع الاسمنت في الأفرنة الخاصة به من اجل استخراج مادة الاسمنت.
واضافت ذات المصادر أن عملية الاحراق تتم وفق احترام المعايير الدولية الخاصة بهذا الشأن، مشيرة إلى أنه من المستحيل السماح بحرق مواد سامة في المغرب.
في الوقت نفسه ناشد الدكتور يوسف بلوردة رئيس الجمعية المغربية لحماية البيئة والتنمية المستدامة الملك محمد السادس بالتدخل في الموضوع ملتمسا التحكيم الملكي من أجل تجنيب المغرب كارثة بيئية باتت ملامحها تلوح في الأفق بجعل رئة المغرب وعاء للسموم الاوروبية من أجل إغراءات مالية.
كما اعتبر ان استقبال سفينة النفايات هاته مفارقة خطيرة وتضرب السياسة المغربية إذ يقف المغرب على أبواب تنظيم قمة الأطراف المناخية العالمية وتجنيد كل طاقاته لتفعيل قانون "زيرو ميكا" في حين تسمح الحكومة في سرية تامة وتعتيم إعلامي وتجاهل مطالب المجتمع المدني إلى جلب سفينة محملة بالنفايات تتعارض وكل التشريعات البيئية الوطنية والكونية خاصة ما يتعلق بانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون في الجو بعد إحراقها.
وتبقى الأسئلة المطروحة: إذا كانت تصريحات الوزارة صحيحة من أن هذه النفايات ليست سامة فلماذا تحاول إيطاليا التخلص منها ودفع مبلغ خيالي مقبل التخلص منها في المغرب علما أن لهم من التكنولوجيا والدرايات البيئية ما يفوق المغرب؟ كيف يتجرأ البعض على تلويث البيئة، في الوقت الذي يقف المغرب على أبواب تنظيم أكبر تظاهرة عالمية "كوب22"، وحملة "زيرو ميكا"؟.