ربورطاج: كعكة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بسطات.. عندما تختلط نغمات الموسيقى الصاخبة بالجدل حول تجاوزات تظاهرة تلتهم المال العام
أسدل الستار بحر الأسبوع الجاري على فعاليات الدورة الحادية عشرة من جائزة مولاي الحسن للألعاب الجامعية الكبرى والمؤتمر الوطني الرياضي بسطات، اللذان تسهر على تنظيمهما هيئة جمعوية ويدير كواليسهما مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير وتبرأ منها معظم الأطر الذين دأبوا المشاركة في لجنة تنظيمها، غير أن الملفت للنظر لنسخة هذه السنة هو الجلبة التي رافق تنظيمها، الشيء الذي لا يمكن ترجمته إلا في إطار تقييم هذا النشاط الطلابي، الذي كان حري به أن يكون وصل إلى مرحلة النضج بدل مرحلة الشيخوخة.
سكوب ماروك قرر تسليط الضوء على هذا الموضوع، والنبش في كواليسه عبر استقراء عدد من التفاصيل في محاولة لنفض الغبار وإماطة الركام قبل أن يصل إلى تفاصيل صادمة.
كعكة على المقاس
سهر مدير المدرسة الوطنية للتجارية والتسيير المنتهية ولايته التدبيرية، في الوقت الميت من ولايته ومباشرة بعد اعلان الترشيحات لشغل منصب مدير هذه المدرسة، على تمرير كعكة وتعبيدها بطرق مشبوهة إلى أحد المقاولات المحظوظة، دون اللجوء إلى مسطرة طلبات العروض أو الإعلان عن الصفقة في الجرائد الصحفية وفق ما هو متعارف عليه في قانون الصفقات من جهة وكما جرت به العادة في هذه التظاهرة من جهة ثانية.
الفيدرالية المغربية لمموني الحفلات تستنكر
استنكر الفرع الإقليمي بسطات للفيدرالية المغربية لمموني الحفلات في مراسلة موجهة إلى رئيس جامعة الحسن الأول وأخرى إلى مدير المدرسة الوطنية للتجارية والتسيير وكذا أخرى إلى باشا مدينة سطات، حول ظروف اسناد التظاهرة السالفة إلى شركة بعينها دون اللجوء إلى إعلان طلب عروض أو مناقصة أو اعلان عنها في البوابة من أجل اختيار أفضل العروض كما جرت العادة على ذلك وإعطاء الفرصة للجميع من أجل المشاركة، حيث أن قرار مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير يتنافى ومبدأ تكافئ الفرص، مما ينتج عنه عدد من التأويلات.
المدير يخفي غسيله وراء رئيسة الجامعة
رمى مدير المدرسة الوطنية للتجارية والتسيير بسطات كرة تمرير الكعكة بهذه الطريقة في مرمى رئيسة الجامعة المخلوعة من منصبها، معتبرا أنها من تترأس لجنة تدبير التظاهرة، في وقت أن الحقيقة تكشف أن المسؤول الأول والأخير عنها باعتباره الآمر بصرف ميزانيتها والمسؤول عن مضامينها أمام رئاسة الجامعة وباقي المتدخلين.
براءة الذئب من دم يوسف
غريب أمر نسخة هذه التظاهرة التي تم سحب الرعاية السامية منها، في وقت لا زال أحد المحسوبين على التظاهرة يمرر للصحافة عبر تصريحات رسمية، معطيات خاطئة بكونها تنظم تحت الرعاية السامية في محاولة للاختباء تحتها واستغلالها بطريقة ملتوية، حيث يرجح أن تقارير لعدد من الأجهزة الرسمية حول طبيعة ومضمون التظاهرة سرعان ما عجل بإزالة “الرعاية السامية” من مانشيط إعلانات هذا النشاط الطلابي.
علامات استفهام حول مآل مداخيل الإستشهار
استعانة المنظمين باستقطاب 9 مستشهرين عبر وضع رموز شركاتهم في مختلف ملصقات التظاهرة، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مآل ومصير مداخيل الشركات المستشهرة في هذه التظاهرة، علما أن تمويل التظاهرة يتم من خزينة المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير وجامعة الحسن الأول تحت إشراف الوزارة الوصية، وهل يحق لمؤسسة عمومية تابعة لوزارة التعليم العالي أن تستخلص مداخيل عن الإشهار من الخواص في هذه التظاهرة؟ فلو كان اعتماد رموز الشركات المستشهرة مجانا لماذا لا يتم الترويج لباقي الشركات؟ فمن استفاد من مداخيل الإشهار؟
ماهية تغيير فضاء تنظيم النشاط
تفاجئ متتبعو التظاهرة بتغيير مفاجئ لموقع التظاهرة التي دأب على تنظيمها بين فضاء المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير وفضاء الغولف الملكي الجامعي في وقت تم نقلها في ظروف مريبة إلى فضاء جماعي بلدي موضوع نزاع قضائي بين جماعة سطات ومحتليه، بعدما انتهى التعاقد بين الشركة المكترية مع الجماعة في أواخر سنة 2015 من جهة ونتيجة عدم أداء المحتل لواجبات السومة الكرائية لخزينة الجماعة من جهة ثانية، فالأحرى تنظيم النشاط بالغولف الجامعي لقربه من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير أم أن تغيير موقع النشاط كان لغاية في نفس مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير.
فضاء النشاط أحرج مسؤولي المدينة
خلق موقع تنظيم التظاهرة احراجا كبيرا لمسؤولي المدينة وعلى رأسهم عامل إقليم سطات، الذي فضل عدم حضور افتتاحها لكيلا يتم تفسير حضوره بكونه طرف في النزاع القضائي، غير أن حضوره في الحفل الختامي، أعقبه خروج صحفي غير محسوب لما يزعم أنه مدير المركب، زاد الطينة بلة، بعدما اعتبر في خرجته الصحفية بالصوت والصورة أن تنظيم النشاط تحت “الرعاية السامية” وحضور عامل الإقليم ساهم في طي ملف النزاع القضائي مع جماعة سطات، الشيء الذي عجل بخروج احد الفعاليات الحقوقية لحماية المال العام للرد على خرجته الصحفية، كما أن رئيس جماعة سطات وقع في موقف لا يحسد عليه بعدما تمكن من دخول مرفق جماعي شهد في السنوات المنصرمة هدم عدد من الركائز “البودرات” في القاعة المختلطة للرياضة التي تحولت بقدرة قادرة إلى قاعة للحفلات دون ترخيص في مخالفة لعمل لجنة الشباك الوحيد المتخصصة في التعمير من جهة ولجنة الشؤون الاقتصادية من جهة ثانية.
تنظيم مهزوز ينم عن غياب متابعة الطلبة
انطلاق أجواء الحفل الختامي بتلاوة كلمة ترحيبية كشف حجم الارتجالية في التنظيم أمام عامل إقليم سطات والوفد المرافق له، حيث استهل اللقاء الختامي طالب قرأ كلمة ترحيبية باللغة العربية رحب خلالها بالخليفة الأول لعامل إقليم سطات، متناسيا أن عامل الإقليم شخصيا يحضر الحفل الختامي، ما يكشف ثقافة “كوبيي كولي” لكلمة الافتتاح التي حضرها باشا سطات مع الكلمة الختامية التي حضرها عامل إقليم سطات، دون الحديث أن لو وقت مدير المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير كان يسمح بتأطير حواريه لعرف أن منصب “الخليفة الأول لعامل الإقليم” لم يعد له وجود، لأنه تم تعويضه بمنصب “باشا مدينة سطات”.
أجواء الارتجالية لم تتقوف عن افتتاح الحفل الختامي، بل أعقبها محاصرة عامل إقليم سطات على منصة التتويج ودفعه إلى الوراء من طرف الطلبة دون تدخل المنظمين احتراما للبروطوكول الرسمي لمثل هذه التظاهرات التي كانت تقتضي التقاط صورة جماعية للفريق الفائز مع ممثل صاحب الجلالة على تراب إقليم سطات.
فضاء جماعي يتحول إلى فندق غير مرخص
تستمر اختلالات وتجاوزات التظاهرة المذكورة في تحويل الفضاء الترفيهي الجماعي إلى فندق لإقامة وإيواء المشاركين بشكل جماعي مختلط دون ترخيص من الجهات المعنية من جهة وفي ضرب لدفتر التحملات الذي كان يربط جماعة سطات مع الشركة المكترية من جهة ثانية، ودون تحرك باقي المتدخلين لوقف المهزلة من جهة ثالثة، وأمام صمت مدير المدرسة الوطنية للتجارية والتسيير الذي همه تمرير الكعكة بأقل تكلفة ولو بالدوس على القانون من جهة رابعة.
خوصصة شارع عمومي
تفاجئ السائقون العابرون بمركباتهم عبر الطريق الرابطة بين الدائرة الأمنية الرابعة وحي البطوار بحواجز حديدية وضعها القائمون على التظاهرة لتحصين ساحة عمومية تناهز مساحتها 5000 متر مربع، أمام فضاء احتضان التظاهرة، دون أداء واجبات الاستغلال المؤقت لها لفائدة خزينة جماعة سطات، حيث يظهر في واجهتها حارس أمن خاص يدفع السيارات إلى سلك الاتجاه المعاكس، ما يشكل خطرا عليها من وقوع حوادث سير.
افتتاح التظاهرة وسط كراسي فارغة
افتتحت التظاهرة بحضور باشا المدينة ورئيس الجامعة ومدير المدرسة الوطنية للتجارية والتسيير وقلة من أطر المؤسسات الجامعية، في وقت بقيت معظم الكراسي فارغة لكون المستفيدين من النشاط ليس همهم الكلمات الافتتاحية ولا مضمون التظاهرة من مسابقات رياضية ولا ندوات بقدر ما يهمهم السهرات الليلية الوردية، التي تمتلئ عن آخرها بالشباب، بحضور فناني القسم الثالث، علما إن إقامة السهرات ممنوع وفق مراسلة باشوية وقرار سابق لرئيس الجماعة.
فضاء يتحول إلى قاعة للسهرات الوردية دون ترخيص
سبق أن رفع باشا مدينة سطات قرارا يمنع تنظيم الأنشطة كيفما كان نوعها المتعلقة بإحياء سهرات وحفلات، وذلك كرد على طلب سبق أن تقدمت به الشركة التي كانت تكتري المركب الجماعي، حيث تم توجيه نسخة من نفس القرار إلى وكيل الملك وكذا المصالح الأمنية لولاية امن سطات قصد التدخل بالمرفق الجماعي المذكور في حالة الإخلال بهذا القرار الصادر عن الإدارة الترابية، كما أن رئيس جماعة سطات السابق عبد الرحمان عزيزي أبرز في تصريح سابق لسكوب ماروك أن دفتر التحملات الذي يربط الجماعة مع الشركة التي رست عليها صفقة تدبير هذا المرفق الجماعي سابقا لا يتضمن إحياء الحفلات والسهرات، مضيفا أن ما يزعم أنه مسير المركب تقدم بطلب للجماعة للحصول على ترخيص لإقامة السهرات، لكنه قوبل بالرفض لعدة اعتبارات منها السهر على راحة المواطنين نظرا لتواجد حي سكني بالجوار (حي البطوار)، إضافة لمقبرة للمسلمين على هامش قاعة للأعراس دون ترخيص.
فعاليات حقوقية على الخط
دخل المرصد الوطني لتخليق الحياة العامة وحماية المال العام على خط التظاهرة متوعدا برفع عدد من المراسلات للجهات الوصية قصد افتحاص مالية وظروف تنظيم النشاط الذي يعد هدرا للمال العام إلى نشاط يضم عددا من الممارسات المشبوهة.
على سبيل الختم
رجح بعض المتتبعين دخول التظاهرة المذكورة إلى قسم الإنعاش، حيث من المحتمل أن يتم وقف تنظيمها بعدما باتت محط شبهة لتعدد التجاوزات التي وقعت داخلها، خصوصا أن تظاهرة بهذا الشكل وبمضمون رياضي محض، ليس ضمن الاختصاصات الأكاديمية للمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، بل من اختصاص مؤسسة جامعية مجاورة لها ويتعلق الأمر بالمعهد العالي لعلوم الرياضة، الشيء الذي ربما يقود إلى حل الجمعية ومعها طموحات البعض الذين يغتنون على حساب هذا النشاط.