سطات مدينة محفوظة بأوليائها وناسها على لسان الفنان عبد الرحيم الصويري حصريا على سكوب ماروك

سطات مدينة محفوظة بأوليائها وناسها على لسان الفنان عبد الرحيم الصويري حصريا على سكوب ماروك

يشكل السماع والمديح جانبا هاما من التراث الموسيقي والغنائي الزاخر الذي يميز مدينة سطات المعروفة بالتنوع الثقافي عبر الأجيال المتعاقبة منذ قرون خلت، وهو ما يرجع لقوة وتجذر المؤسسات الحاضنة للعمل الديني و الثقافي بمدينة سطات، من زوايا ومساجد وجمعيات…

وتتخذ فنون السماع والمديح طابعا شعبيا في الفضاءات القروية والهامشية التي تنبع من متون شعرية عامية بسيطة وإيقاعات موسيقية غير مركبة، بينما تكتسي طابعا فنيا نخبويا لا سيما في أحضان بعض الفئات المختصة. ومدينة سطات الضاربة الجذور في تاريخ المملكة المغربية احتفت بأحد أعلام السماع والمديح، ألا وهو الفنان عبد المجيد الصويري، و ذلك على هامش الدورة الثالثة لمهرجان السماع والمديح بمدينة، حيث كان لسكوب ماروك حوار حصري مع الفنان عبد الرحيم الصويري الذي حضر حفل تكريم أخيه.

فى البداية من هو الفنان عبد الرحيم الصويري؟

يسمونني بسفير الطرب الأندلسي من مواليد مدينة الصويرة سنة 1957. فنان ذو صوت مغربي أصيل وقوي خصوصا في الملحون والأغاني المغربية الأصيلة.نشأت في وسط فني باعتبار أن والدي المعلم بن جمعة الصويري كان موسيقيا ويعتبر عميد فناني المديح والإنشاد الصوفي، فضلا عن كونه أحد أعضاء الفرقة الموسيقية للفن العربي الأندلسي.

شاركت في العديد من المهرجانات داخل المغرب وخارجها وزرت العديد من الدول العربية والغربية حيث تتواجد أعداد كثيرة من الجاليتين العربية عامة والمغربية خاصة. كان لي حضور متميز على مسرح قرطاج الدولي في شتنبر 2009 في إطار فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الموسيقى الروحية، حيث قدمت مجموعة من الأغاني الصوفية والقصائد التراثية الشهيرة في مقدمتها "المنفرجة" بالإضافة إلى مواويل وموشحات دينية.

ما هو انطباعك حول الإحتفاء الذي خص أخيك ؟

أولا أنا جد مسرور لتواجدي بسطات مدينة العلم والمعرفة والثقافة والفنون، ولايمكن لأهلها إلا أن يكونوا في مستوى التعامل واللباقة وحسن الذوق. أما من ناحية التكريم والإحتفاء بأخي الفنان عبد المجيد الصويري، والإعتراف بما قدمه في تجربته. فهو الحافز الحقيقي الذي يجعل هذا الفنان مستعد للإستمرار والعطاء. خصوصا حين يكون هذا التكريم من طرف الجمهور نفسه و المنخرط في بعض المؤسسات الثقافية والفنية بل المجتمع المدني عموما.  وهذا ما جعلني أشعر بالإرتياح وأنا مع أناس يقدرون الفن والفنانين ويعملون على ترسيخ قيم الإعتراف بمجهودات مبدعين ومفكرين وأدباء أعطوا لهذا البلد شيئا إسمه الإبداع والخلق الإنساني. على العموم أشكر كل من كان وراء نجاح هذا الحفل الذي أعتبره محطة فنية مهمة في حياتي الفنية، وفرصة أظهرت لي الحب الذي يكنه الجمهور لأخي، سواء كانوا مبدعين أو مسؤولين أو مجتمع مدني بل حتى الأطفال الذين إلتفوا حول أخي و لم يأبوا إلا أن يبدعوا بأصواتهم في هذا التكريم مما أشعرني  بدفئ اللحظة الطيبة.

كيف كانت بدايتك الفنية؟

عندما انتقل أخي الكبير للبيضاء، جلبني عنده  سنة 1973 و تكفل بي عائليا منذ أن كنت صغيرا، حيث كان بمثابة والدي الذي توفي و أنا صغير، و تابعت دراستي الثانوية بمؤسسة ابن بطوطة ثم مؤسسة مولاي إدريس، بعدها حصلت على باكالوريا آداب عصرية، لأنتقل لمتابعة دراستي الجامعية بجامعة الحسن الثاني. لكن سرعان ما تخليت عن الدراسة لظروف عائلتي المادية، فبدأت بمساعدة أخي في إحياء الليالي الدينية للسماع والمديح.

كما لا أنسى سنة 1982 أي بداية مشواري مع الحاج بن جلون التويمي وعبد الكريم الرايس اللذان شجعاني وأثنيا على صوتي وموهبتي الفنية، حيث تم إدماجي مع ثلة من الفنانين المرموقين محمد بجدوب و عبد الصادق شقارة ومحمد التمسماني.

حدثنا عن مجمل أعمالك بمدينة سطات؟

إني شديد الإعجاب بمدينة سطات، تلك المدينة لها أعيانها ومثقفوها وفنانوها (مدينة محفوظة بأوليائها وناسها)، و قد أقمت مجموعة من الليالي الروحانية في فن السماع و المديح و الطرب الأندلسي بدعوة من صديق حميم لي هو المرحوم رشيد عزمي، هذا الأخير كان سباقا بدعوتي للمدينة في أكثر مناسبة، وبالطبع كنت ألبي الدعوة لأني من عشاق هذه المدينة و كنت دائم الإعجاب بتراث هذه المدينة التاريخية.

ما هي الإختلافات التي سجلتها خلال زياراتك بمدينة سطات؟

لا أخفيكم وجود تراجع ملموس شكلا و مضمونا داخل مدينة سطات، خاصة بعد وفاة فارس المدينة المرحوم إدريس البصري الذي أحب مدينته لحد الجنون و لم يتنكر لأصوله، حيث أذكر دائما أحد إجاباته داخل البرلمان عندما سأله أحد الوزراء عن سبب إعتنائه الدائم بمدينة سطات، ليجيبه بدهاء أنه يتمنى لو يأخد باقي الوزراء العبرة منه ليهتموا بمدنهم و بالتالي ليصبح المغرب ناميا وجميلا.

ما هو جديدك الفني؟

إني بصدد إعادة مجموعة من الأغاني للفنان القدير عبد الصادق شقارة في قالب موسيقي جديد ينسجم مع الموجة الشبابية و الرغبات الموسيقية الجديدة. كما سأقوم بثنائي مع الفنان الكبير الإماراتي حسين الجاسمي. بالإضافة أني في انتظار هدية رمزية من زميلي الفنان القدير عبد المجيد المهندس عبارة عن أغنية يقوم بتسجيلها بباريس خصيصا لي.

ماهو تعليقك عن الإستفزازات التي تتعرض لها عبر الهاتف؟

بالطبع كلما كثرت نجاحات الإنسان كلما زاد نقاده، لكن شريطة أن يكون النقد بناء. لكن للأسف هذا ما لم يحصل معي، إذ حاول أحد المقيمين في بلجيكا إستفزازي في أكثر من مرة بالهاتف على غرار ما قام به مع فنانين آخرين، و بالفعل وجدني في حالة نفسية عصبية، فما كان مني إلا أن أجبته بطريقة ساخنة شيئا ما. ليتضح فيما بعد أنه يسجل المكالمات ليقوم بنشرها على المواقع الإلكترونية لجلب الزبناء و يستعملها في تجارته الإلكترونية الرخيصة.

هل لذيك مستملحات بمدينة سطات؟

أتذكر دعوتي و أنا ما زلت صغيرا من طرف بعض الأفراد بمدينة سطات، و الذين هيأوا لي مفاجأة متميزة، إذ جلبوني إلى مدينة سطات و بالضبط الزاوية التجانية (الزاوية الزكانية) عند أحد العلامة بالمدينة المدعو مولاي الشريف الزكاني و ألبسوني ثيابا جديدا و طلبوا مني تقديم مولات أندلسية و دينية أمام العلامة، فما كان مني إلا أن لبيت الدعوة، حيث قام مولاي الشريف الزكاني بالوقوف فرحا و هو يرقص برأسه  (الحيرة) تنويها بشجية صوتي. و أتذكر أنه أعطاني قدرا ماليا عند انتهائي من الأغنية تشجيعا منه لي.

شكرا لك ، بعيدا عن لغة الفن، كلمة ختامية؟

أشكر الجمهور السطاتي الذي احتفى بفن أخي قبل أن يحتفي به كإنسان. وأتمنى أن تتجدد أواصل اللقاء مع أهل مدينة سطات عاصمة العلم والثقافة والإبداع… وأوجه تحياتي إلى كل المبدعين والمثقفين والفنانين الذين شاركوا في هذا اللقاء. كما أنني ابلغ تحياتي من هذا المنبر إلى كل جمهوري داخل الوطن وخارجه…

كما لا يفوتني الشكر الجزيل لموقع سكوب ماروك الجاد الذي يحاول نقل الخبر للمواطنين بكل شفافية ومصداقية.