الأسود لا يليق بك يا سطات..

الأسود لا يليق بك يا سطات..

أبدعت الجميلة أحلام مستغانمي بحروف تفيض غنجا ودلالا رائعتها "الأسود يليق بك"، غاصت في عالم تتقاطع فيه الرغبة الجامحة بالحزن العميق، في قصة إنسانية تخطف الالباب، لا أعرف السبب الذي جعل هذه الرواية تشدني بقدر جعلني أستفيق مفزوعا بعد أن تمزق الخيط الناظم الرفيع الذي يفصل علياء الحلم بالأمر الواقع.

سطات الوديعة، الجميلة، الهادئة واليتيمة لا تستطيع نزع لبوس الحداد وهو أمر واقع، لا يختلف حوله إثنان، المستفيد من مقدراتها يقر بأنها في حداد، وخائب الرجا من لم تسعفه ظروفه للاستفادة يقول أيضا بأنها في حالة حداد، المواطن البسيط لا تخطئ عينيه كون ملامحها شاحبة أعينها جاحظة يرتسم الأسى ببشاعة على ملامحها…

ماذا يحزنك يا سطات .. ما الذي يبكيك يا جوهرة؟

أ هو ماضيك المسروق..

حاضرك البئيس..

أم مستقبلك المجهول ..

 في الماضي القريب كنت الملاذ، نظمت لمكانتك الأشعار، رسمت لحسنك اللوحات، واليوم أنت اللقيطة المهملة المثقلة بالهموم، فأين أهلك منك يا أم أهل الدار..

كم من فلان وعلان صنع مجده ومجد عائلته على ظهرك وأنت المعطاء الصبورة، راكموا المكاسب والغنائم والاعطية والنفوذ، فأين هم اليوم منك وأنت تحتضرين بصمت وجلد تحسدين عليه..

كم من خطيب اعتلى المنابر المتناثرة على ساحاتك، وقال شعرا في حبك، ووعد بأن يعيد التاج إلى رأسك، والبسمة إلى ثغرك، والبريق إلى عينيك، وحين رأى الرضى على وجهك، قضى وثره ورحل تاركا المكان أنجس مما وجد، فلا هو حافظ على ما تبقى من كبريائك يا سطات، ولا نفذ ما وعد به، ولا تركك لتصارعي أمواج الزمان المتلاطمة على شط قدرك التعيس..

سطات لك الحق أن تحزني، وتتوشحي بالسواد ما دام الفضلاء من أبنائك يستمرون في الصمت، يستمرون في التطبيع مع الواقع، يستمرون في الاكتفاء بلعن الظلمة التي تخيم على سمائك، يستمرون في تزكية البشاعة والقبح، مادام ذوو النوايا الحسنة من أبنائك مختلفون حول مداخل الإصلاح ومخرجات الحلول..

سطات لا تستحقين كل هذا العبث الذي يحيط بك من كل جانب، ولا هاذا الكم من الانتهازيين الذي يتربصون بك، لكن لحسن الحظ فالتاريخ يخبرنا بأن الليل مهما طال يزيحه صبح أنيق، وحتى لو عجزنا اليوم على أن نمنحك ما تستحقين، فلا بد من يوم يزحف لنصرتك في فرسانك الحقيقين ممن يعتبرون بأن قوتك من قوتهم، وتألقك من تألقهم، وجمالك من جمالهم، وعظمتك من عظمتهم..

سطات بصدق الأسود لا يليق بك…