في ما بين مهزلة مستشفى سطات وبين مدبري القطاع بالإقليم من اتصال

في ما بين مهزلة مستشفى سطات وبين مدبري القطاع بالإقليم من اتصال

أن تطول طوابير حاملي بطائق "الراميد" حتى تصل المرحاض العمومي المتاخم للمستشفى، فذاك يوضع تحت مسمى ضغط هذه الفئة الكبيرة على مرافق المستشفى.

 وأن تطول المواعيد المسلمة للمرضى لأسابيع وشهور فذاك يرجع لقلة الإمكانيات البشرية واستحالة الاستجابة لكل الطلبات في أوقات معقولة مع النقص الكبير في الأطباء والممرضين.

 وأن تنقطع بين الفينة والأخرى خدمات جهاز الراديو والسكانير فذاك راجع إلى وضعية الجهاز الوحيد والذي يستحيل تقنيا أن يلبي كل الطلبات حتى أن الصور(الكليشي) التي تنقطع هي الأخرى بين والفينة والأخرى عليها ضغط كبير وتستنزف في ظرف قياسي.

 وأن يفشل المريض في الحصول على تحاليل الدم لبعض الأمراض الشائعة ويوجه للمختبرات الخاصة فإن الطاقم الذي يشرف على العملية يشتغل بالمتوفر لديه.

 وأن تكون قاعة الانتظار بقسم المستعجلات ممتلئة عن آخرها ويتواجد طبيب واحد وممرضين في أحسن الظروف (فبل الثانية عشر ليلا في مرات كثيرة) فذلك يعود لنقص الموارد البشرية وعدم توفر المستشفى على أطباء بالكفاية التي يجعل عملية الحراسة والمداومة متيسرة.

وأن يجد المريض وأهله صعوبة في إيجاد بعض الجراحين والأطباء خارج أوقات العمل بعد موعد القطار الذي يغادر سطات على الساعة الواحدة وخمس دقائق، فذلك مرتبط بإكراهات الزاد البشري الذي يتوفر عليه المستشفى وأغلبهم غير مستقر بالمدينة وبالتالي هناك مجهودات جبارة من أجل أن يقوم هؤلاء بواجباتهم خلال الفترة التي يقضونها بمقهى المستشفى عفوا بأجنحة المستشفى.

وأن تتعذر الحراسة بالنسبة لأقسام الأطفال والقلب والجراحة و…. فإن ذلك أيض راجع أيض لعدم كفاية الطاقم الطبي والتمريضي.

وأن لا تستقبل الحوامل بكرامة وأن لا تقدم لهن الإسعافات العاجلة وأن لا تتم مرافقتهم نفسيا في ظرفهن الخاص وأن لا تطرد نساء بسبب تأخر المخاض، وأن لا يجرى لهن فحص بالصدى (التلفازة) لمعرفة تطور حالتهن، فذلك راجع لمحدودية الطاقم وللضغط الذي يتعرض له قسم المرأة والطفل تصوروا أن سيارات الإسعاف تستقدم حتى الحوامل من مدينة برشيد بحجة أنهن مغربيات ويعطيهن الدستور نفس حقوق الشاويات.

طيب …

حتى أوباما ما عاندش باباه صحافة تبرر وتلعق شي حاجة كما أفعل أنا الآن …

لكن قبل أن تطلقوا العنان سادتي القراء لسبابكم في شخصي وتسرحوا بخيالكم لمحاولة تخيل نوع الأعطية التي حظيت بها حتى أرسم بريشة وردية على جراحكم (نا) دعوني أسترسل في الحديث..

لا يمكن بالباث والمطلق تجاوز أن قطاع الصحة بشكل عام يعيش العديد من المشاكل مرتبطة بالأساس بضعف الإمكانيات ومحدودية الموارد البشرية، لكن هذا المعطى وفي جميع بلاد الدنيا يحوله المدبر الشاطر إلى مصدر قوة عبر ابتداع وسائل تجعل من الشرط الذاتي ملهما لتجاوز الإكراهات الموضوعية، ولأننا نتحدث عن قطاع اجتماعي يمس بشكل مباشر كل مكونات المجتمع فإن قوة المدبر إياه في جعل القطاع أولوية الأوليات في أجندة الفاعل السياسي المحلي والمنتخب المحلي وممثل الإدارة الترابية محليا والفاعل الجمعوي المحلي، وما حدث بسطات أن الهوة اتسعت بين كل هؤلاء وبين مدبري القطاع بسبب قصورهم التام وعدم قدرتهم على الترافع حول ما تم ائتمانهم من أجله وهو صحة المغاربة، فكيف بالإمكان إقناع المجالس الجماعية بالانخراط في رفع الرهان وهم يشاهدون بأمهات أعينهم مراكزهم الصحية القروية خالية على عروشها من كل الخدمات وأبسطها طبيب يسحب أجرته شهريا من جيب دافع الضرائب، وكيف ستقنع الإدارة الترابية وهي تشاهد كيف أن التعنت و"عناد الأطفال" يتهدد بإحراق المدينة، والدفع إلى احتجاجات تشغل المصالح الأمنية عن ما هو أهم،  جراء عدم الجرأة في التعاطي مع ملاحظات وانتقادات المهنيين في ملف الموارد البشرية، وكيف ستقنع الفاعل الجمعوي بالانخراط في التحسيس بل وحتى في تدبر الإمكانيات المالية لدعم المرافق الصحية وهم يرون بأن القطاع لا يخرج من فضيحة إلا ليدخل لأخرى، بل كيف سيتم إقناع مواطن (سائق طاكسي) في إطار أجواء الثقة،  يحمل قريبا له إلى المستشفى وهو يتلوى من الألم يتابع حظه العاثر الذي  رماه لما بعد الثانية بعد الزوال و يتذكر بأنه قام بنقل الطبيب المعني بعلاج قريبه إلى محطة القطار قبل انتهاء وقت العمل (إن لم تخني الذاكرة الرابعة والنصف بعد الزوال).

علاوة على الدور الترافعي والمقاربة التشاركية مع مختلف المتداخلين، هل يقوم مدبرو الشأن الصحي إقليميا ومحليا بواجبهم؟

استنادا لبعض المواقع استقال مدير المستشفى، والسبب حسب زعمهم ليس عدم تحمل المدير الإقليمي لمسؤوليته بتوفير الإمكانيات البشرية اللازمة، ولا استعادة الأطر التي تم تهريبها من المؤسسة الصحية نحو بعض المراكز، ولا الاحتجاج على ابتلاع بئر المؤسسة لميزانية محترمة، ولا على عدم تحمل مسؤولي الأقطاب لمسؤوليتهم في ضبط الغيابات والحضور، كل ما في الأمر تورد نفس المواقع أن النقابيين بالمستشفى يضغطون ويحاولون التسيير بدله.

لأنعش ذاكرتي قليلا سأتوصل إلى مذكرة صاغتها إحدى النقابات تطالب باعتماد معايير ونشرها لعموم المهنيين فيما يخص الحركة الانتقالية الداخلية، على ما أعتقد بأن النقابيين هنا يريدون تسليم تدبير عملية في كل سنة يقال عنها الكثير للقانون وللشفافية، فما هي جريمتهم وكيف يمكن الحديث هنا عن رغبة في الاستئثار وربما الاستفادة من العملية، لأن المتعارف عليه أن من يستفيد أكثر بالنظام القديم للحركة هم النقابيون أنفسهم، فكيف سيحتج عليهم المدير بالاستقالة ويترك العشرات من الأسئلة معلقة.

لا شك أن قطاع الصحة له حساسية خاصة تستلزم التعاطي معه بجدية كبيرة وهو ما لا نلمسه في مسيري القطاع بالإقليم، والعديد من الرسائل الخاطئة تم توجيهها للمهنيين وللمواطنين على حد سواء، فلا أحد من مصلحته التلاعب بملفات حارقة تمس صحة المواطن بصفة عامة إذا ما وضعنا بعين الاعتبار بأن المندوب والمدير هم أيضا مواطنون. وتحضرني هنا جملة قالها الرئيس السابق لجهة الشاوية ورديغة المهدي عثمون على مسامع مدير المستشفى الأسبق والمندوب الجهوي للقطاع والمنتخبين والمواطنين:  " حين أحضر لسطات ينتابني الخوف أن أمرض ويضطرون لنقلي لمستشفى الحسن الثاني" ضحك من ضحك بعدها، لكني ومعي العديدون بكينا دما لحالنا ولحصلتنا مع هاد "الكنوس" والذين لم يرحموا ضعفنا في أبسط ما نأمل الحصول عليه "خدمات صحية تحفظ كرامتنا" وكفى ..

نافذة:

نظموا لقاءا مفتوحا حول قطاع الصحة بالاقليم واستدعوا المنتخبين والمهنيين والأحزاب والنقابات والجمعيات والمواطنين وافتحوا نقاشا مسؤولا، وسترون بأن كل ما طرحته من قبيل المشاكل والاكراهات في مقدمة هذه المقالة لا يعدوا تفاصيل بالإمكان تجاوزها في رمشة عين إدا ما توفره الإرادة والعزيمة وإدا ما ابتعد دووا النفوس المريضة عن العبث بالقطاع وبالمهنيين والمواطنين.

للتواصل مع الكاتب:

Elazhari@gmail.com