ربورطاج: صيف سطاتي في غياب لأبسط شروط الاستجمام.. الساكنة تعاني والمسؤولون يحجزون في الفنادق المصنفة

ربورطاج: صيف سطاتي في غياب لأبسط شروط الاستجمام.. الساكنة تعاني والمسؤولون يحجزون في الفنادق المصنفة

لم تعد حاضرة الشاوية تغري الزوار باختيارها مكانا للعطلة، وأضحت تبدوا كمدينة أشباح بعد أن غادر جل سكانها بحثا عن رطوبة، وعن مكان يحتضن هروبا مؤقتا من جفاف على كل المستويات والأصعدة.

في السابق كان للمدينة غابتها، وبحيراتها، وطبيعتها الخلابة، وحقول الفواكه و”الزنايك” ترسم سياجا طبيعيا حول حدودها الجغرافية، كانت سطات مرادفا لعطلة ايكولوجية بامتياز، ولسفر يلامس التاريخ الشاوي بعاداته وتقاليده الأصيلة، لكنها اليوم فرطت في كل شيئ، فتم اجتثاث الجزء الأعظم من غابتها، وسطها وضواحيها استسلم للإسمنت، بحيراتها أهملت وجفت، وتحولت الى مرتع للمنحرفين، وزحف الاسمنت والمباني على حقول وبساتين الضواحي.

مدينة المائة وستين ألف نسمة تقريبا، لا تزال تقدم أبناءها قرابين للأودية والأنهار بفعل غياب فضاءات تستقبلهم، وحتى الفضاء الوحيد الذي تملكه البلدية وفوتته لمستثمرين خواص، أدار وجهه بسرعة للهدف الذي من أجله استثمرت البلدية أموال طائلة من جيوب دافعي الضرائب لبنائه.

بحر سي ادريس

في السابق كان السطاتيون يتداولون بكثير من الفخر كيف أن الراحل ادريس البصري استطاع إلحاق شاطئ سيدي رحال البعيد بأمتار قليلة عن البيضاء الى اقليم سطات، وكيف أقنعت السلطات المحلية شركة النقل الحضري بتخصيص رحلات يومية بخط مباشر الى الشاطئ رغم أن مسافة رحلة لشاطئي عين الدياب أو عين السبع مثلا، أقرب وأيسر من جماعة سيدي رحال الشاطئ، رغم ذلك فقد كان سيدي رحال يشكل متنفسا حقيقيا لفئات واسعة من سكان المدينة خصوصا وأن أثمنة الرحلات كانت رمزية.

بلدية سطات تفوت مسابحها

بلدية سطات تتوفر على مركب سياحي وحيد يحتوي على حوضي سباحة و اخرين للأطفال، المشروع كان من المنتظر أن يحل إشكال غياب فضاءات الترفيه بالمدينة، و بغض الطرف عن الاحتجاجات التي صاحبت بنائه لكون فعاليات كثيرة كانت تعتقد بأن المدينة في حاجة الى متطلبات أهم من مشروع بهذه الضخامة يبتلع ميزانية كبيرة، فإن المجلس البلدي للمدينة لم يستطع فرض احترام دفتر التحملات الخاص بالمنشأة، وعمد المستفيدون من صفقة كراء مرافقه على مضاعفة أثمنة الولوج لخدماته في تحد صريح للمقرر الجبائي الجماعي و لدفتر التحملات نفسه، و هو ما جعل فئات عريضة من أطفال و شباب و سكان المدينة خارج خدمات الترفيه و السباحة التي أنجزها مجلسه المنتخب، يضاف لها تقاعس بطعم التواطئ للمجلس البلدي في فرض القانون واستخلاص واجباته الكرائية… دون الحديث عن المسبح الأولمبي الذي تم تمريره في ظروف مريبة إلى مصالح الأمن بولاية أمن سطات لتحول جزء منه إلى منامة والجزء الآخر إلى مستودع للمتلاشيات.

عند النافورات الحل

لم تعد مشاهد الاطفال تستحم داخل النافورات وسط المدينة تبعث على دهشة سكان سطات، فالمشهد أصبح مألوفا لدرجة التعايش معه. أمام الخزانة البلدية لسطات أو بمختلف نافورات المدينة، أو حتى بأماكن سقي المساحات الخضراء، تقتحم أجساد صغيرة متعطشة للمياه الباردة الأمكنة بفرح طفولي، لا يعكره عليهم سوى عصا بعض الحراس. نفس الأمر بالنسبة لبعض “المطفيات” بضواحي المدينة والتي أضحت تقض مضجع الأباء مخافة غرق فلدات أكبادهم.

رحلة البحث عن مياه باردة

واد أم الربيع يشكل المحج الأول للباحثين عن قضاء لحظات ممتعة بين مياه باردة تطفئ لهيب قيض لا يقاوم، رغم أن المكان غير معد للسباحة ولا الاصطياف لكنه يستقطب يوميا عشرات الأسر، الكثير يتجاهل خطورة السباحة بالوادي، وحتى انباء الوفيات غرقا التي يتم تداولها يوميا لم تمنع العديدين من اختياره وجهة مفضة.

غير بعيد عن نهر أم الربيع، وعلى مسافة حوالي نصف ساعة عن سطات، وبطريق صعبة وغير معبدة، تتواجد منطقة تسمى “ضاد” المكان مشهور باستقطابه سنويا موسما خاصا باليهود، المكان يحتضن شلالات غاية في الروعة، وصخورا تضفي عليه جمالية خلابة، سنويا وعلى طول السنة تستقبل المنطقة أفواجا من الزيارات أغلبها من التلاميذ والطلبة والسياح الأجانب، ويشكل الصيف فرصة أمام أبناء سطات والمناطق المجاورة، لزيارة “ضاد” وقضاء أوقات خاصة بها.

منطقة أخرى أصبحت تستقطب هواة السباحة خلال السنوات الاخيرة، وهي بحيرة سد تامدروست، ورغم أن المكان غير معد اطلاقا للسباحة إلا أنه باث يستقطب اعداد متزايدة من المواطنين.

غابة المزامزة .. كان يا مكان

لطالما شكل الغابة البيحضرية متنفسا إيكولوجيا لعدد من العائلات التي تبحث عن الهدوء والسكينة من جهة، ولطافة واعتداء حرارة الجو من جهة ثانية، غير أن اهمالها هذا الحزام الأخضر بهذا الشكل الصارخ رغم ما التهمه من ملايير أطلق عليها إلى حدود الأمس تيمة “صفقة القرن”، فالطريق المتهالكة المؤدية لها تكشف بجلاء حالتها، وانعدام الإنارة العمومية داخلها يجعلها فضاء موحشا لا تستوطن به إلا الحشرات والزواحف على اختلاف أنواعها وأشكالها، اللهم حديقة الغولف الجامعي التي باتت بمثابة كورنيش قاري تقصده العائلات يوميا للهروب من حرارة المنازل.

على سبيل الختم

أمام عدم قدرة أغلبية العائلات الفقيرة بمدينة سطات إلى نقل أبنائهم صوب المرافق السياحية على مستوى المدن الساحلية المجاورة بغية الاستمتاع في سلامة بمنظر مياه البحر ، نظرا لقصر ذات اليد، فإن المجلس البلدي لمدينة سطات عليه الذي ينكب في هذه الأيام على وضع الدعامات لإخراج برنامج التنمية الحضرية، عليه ألا يسقط منه استشراف معطى “الاستجمام” داخل رزمانة منظومة مشاريعه، وأن يتفرغ القائمون عليه لمحاولة إيجاد حلول حقيقية وواقعية يمكنها ملامسة تطلعات رعايا صاحب الجلالة بهذه المدينة المكلومة، عوض تسخير كل الوقت لإقناع مستثمرين لحجز فنادق مصنفة لعائلاتهم في عدد من مدن ربوع المملكة مقابل غض البصر عن عدد من الامتيازات، وترك باقي المواطنين تحت رحمة عدد من الخيارات أحلاهم مر.