حين يُصْبِح النجاح المحلي تُهْمة.. فمن يُفْشِل سطات من الداخل؟

حين يُصْبِح النجاح المحلي تُهْمة.. فمن يُفْشِل سطات من الداخل؟

في مدينة سطات، يتجلى التناقض في واقع اجتماعي معقد، حيث ما أن يظهر نجم أحد الفعاليات، وكأنه رمز للتفرد والإبداع، إلا ويتفاجأ في الوقت نفسه، بخروج الدبابير من جحورها، لتعريضه لجملة من اللسعات، في إطار السعي إلى إعاقة تطوره عبر موجات من الوخز الهدّام، وصياغة وترويج الإشاعات، بل ربما تصل إلى الاتهامات الكيدية التي تفتقر إلى الأساس المنطقي والروح والفلسفة القانونيتين.

تتوالى هذه الممارسات، التي في ظاهرها انتقادات، بينما باطنها مجوف بغل وحقد يحمل عاهة محاربة النجاح، إذ تنطلق من زوايا مختلفة في المجتمع، مما يجعل من الصعب التمييز النقد البناء، عن الهجمات التي لا تحمل أي رؤية تطويرية، حيث في ظل هذه الأجواء المتوترة، يظهر أن بعض الدبابير يتجاوزون حدود النقد المشروع، للوصول إلى مستوى من التبخيس أو تحرير شكايات مهزوزة أو نسج حكايات من الإشاعة وترويج البهتان، لفضح أي نجاح قد يحققه أبطاله، وهو ما يعكس حالة من الانقسام الداخلي الطاغية على نسيج المجتمع المحلي، الشيء الذي يمكن إسقاطه لا محالة على ما وقع للأستاذة ندية فضمي، التي انطلق مسارها في مهد مبكر مع تقديم ترشيحها لنيل رئاسة جماعة سطات، ليتم ترويج ان مسقط رأسها فاس، وليست من أهل المدينة رغم أنها مغربية قضت أزيد من 20 سنة في عاصمة الشاوية، بل وصلت غباوة بعضهم إلى الاستعارة بقاموس مقاربة النوع بعقلية ذكورية متغطرسة “واش حنى الرجال غادا تسيرنا امرأة”…

سادتي الكرام؛

تسونامي التحطيم وجرافة الهدم، لم يتوقف عند هذه المرحلة، بل تجسد كذلك عبر خروج الحرس القديم لإدارة عدد من الكراكيز ومحاولة نسف من الكواليس، لأي محاولة للإصلاح لكيلا تظهر الأستاذة المذكورة كنموذج نجح في الإصلاح وحلحلة عدد من الملفات العالقة والمعمرة لعقود في وقت عجز عن ذلك سلفها.

لا تقتصر الظاهرة المذكورة على النقد العابر فحسب، بل يمكنها أن تمتد لتشمل محاولات تنظيم عراقيل تتجسد في إجراءات وممارسات غير شفافة تستهدف عرقلة العمل والإنتاج، يتبلور خلالها في ذات الوقت، ميل بعض الفئات إلى محاربة أبناء “الدار” نفس المدينة، رغم أن المجتمع يبدو أكثر حبًا للوافدين. ومن هنا ينبثق التعبير الشعبي المعروف “خبز الدار ياكلو البراني”، الذي يلخّص ببلاغة تناقضات القيم الاجتماعية؛ حيث يُحتفى بمن يأتي من خارج المدينة كعريس متوج قبل ليلة الدخلة، مثلما وقع مع اكتمال صفقة “الجرار”، حيث تمت عملية بيع “العمارية” بنجاح بقيمة تصل 300 مليون في انتظار ما يعرف بشهر العسل مع استحقاقات 2026، بينما يخضع المواطن المحلي لضغوط داخلية مرهقة تقف في وجه أي محاولة للتغيير الإيجابي.

سادتي الكرام؛

الأمر لا يقتصر على الجوانب السياسية فقط، بل يمتد إلى المجال الاستثماري والرياضي والثقافي والاجتماعي، حيث أن أبناء المدينة يتعرضون للإفلاس مع كل محاولة إقلاعة، لكن بمجرد خروجهم ليافطة تحديد السرعة (90) يبزغ سناهم كأنهم شهب تحقق النجاح تلو الآخر، والنماذج السطاتية الناجحة بعديد من مدن المملكة وخارج الوطن خير شاهد.

أيها السادة؛

في خضم هذا الصراع، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مزدوجاً، إذ تسهل نشر وانتشار التغريدات الهدامة، دون رقابة كافية من قبل الأنظمة الذكية التي يُفترض بها اكتشاف وتحليل أي محاولات للتشهير أو التشويش بالكفاءة والإبداع، فبينما يحاول البعض استخدام هذه المنصات لنيل مكاسب شخصية أو للترويج لأجندات مضمرة، يستمر نجم الفعالية في تقديم الأداء المميز رغم كل العقبات التي تعترضه، مما يطرح تساؤلات حول صحة البيئة التنافسية في سطات، وما إذا كانت تلك البيئة تساهم في تعزيز المواهب بدلاً من محاربتها.

سادتي الكرام؛

علاوة على ذلك، يتجلى الواقع الاجتماعي في المدينة في صورة صراع داخلي واضح يفتقد إلى روح التضامن والتلاحم، حيث تُعاني العلاقات الاجتماعية، من تآكل مبادئ التعاون والتكافل. ففي حين يُنظر إلى النجاح الخارجي بنظرة احترام وتقدير، يُنظر إلى النجاح المحلي بنوع من الحسد أو حتى الانتقاص، مما يزيد من غلو الانتقادات، ويسهم في خلق مناخ من التناحر الداخلي، يعيق تحقيق الإمكانات الكامنة داخل المجتمع. ومع ذلك، يبقى دعوة البعض لإعادة النظر في طرق التقييم والنقد حاضرًا بقوة، حيث يشيرون إلى ضرورة تحويل تلك الانتقادات إلى فرص للتطوير والتحسين، بدلاً من استخدامها كأداة لتشويه السمعة وإضعاف الثقة الذاتية، لدى من يحملون روح الابتكار.

في النهاية، يظهر أن أمام هؤلاء النماذج الناجحة، أو ضحايا لوبي مقاومة التغيير،  ثلاث خيارات لا رابع لهما: فإما سيتعرضون للإفلاس والإحباط والفشل في ظل هجمات ضارية تقوض جهودهم وتنسف تطلعاتهم، وإما ستكون عزيمتهم قوية للاستمرار رغم كل الظروف الصعبة، وهي فئة نادرة تستحق الإشادة؛ بينما الخيار الثالث أنهم سيتراجعون عن الإصلاح ويعودون إلى حياتهم الطبيعية دون مقاومة حقيقية للتحديات، ليبقى السؤال قائمًا أمام أهل سطات: هل سيتمكنون من تجاوز هذه الخلافات الداخلية والتركيز على نمو وتقدم المدينة، أم ستظل الأصوات المنقسمة عائقًا أمام تحقيق الوحدة والانتماء الحقيقي؟

ختاما سادتي الكرام؛

فمن داخل سطات، نجد رصاص الغدر يطلق من الأهل قبل الخصوم، الشيء الذي يتطلب في المستقبل نضجًا اجتماعيًا وسياسيًا وتدبيريا، قادرًا على إعادة صياغة ثقافة النقد، بما يخدم الصالح العام، مع ضرورة تعزيز قيم التضامن والعمل الجماعي لبناء مجتمع يحتضن المواهب المحلية ويفتح ذراعيه للقادمين من الخارج.