لا فرق بين النائب و”العجل” في نظر “الشَنَاقْ”.. حين يُصبح المقعد صفقة والناخب مجرد رقم!

لا فرق بين النائب و”العجل” في نظر “الشَنَاقْ”.. حين يُصبح المقعد صفقة والناخب مجرد رقم!

في زمنٍ صارت فيه السياسة أشبه بسوق البهائم، لا شيء مستغرب بالنسبة لـ “شَنَاقْ” يعشق “الخِرْفَانْ” بتعبيرها ودلالتها الشبابية، واعتاد على “التْفَرْقِيشْ” سرا، وارتداء زي كساب وبائع المواشي علنا.

سادتي الكرام؛

تُعرض البضائع، يُنادى عليها بصوت يختلط بين الجد ومستملحاته الساخرة، يُساوم المشترون، ثم تُحسم الصفقة على مائدة عامرة بكل ما لذَّ وطاب. يحدث أن يُباع السردين بخمسة دراهم، يحدث أن تُباع بقرة بثمن بخس نتيجة كونها من غنائم “التْفَرْقيشْ”، لكن أن يُباع مقعد برلماني؟ هنا تتحول السياسة إلى مزرعة كبيرة، حيث لا فرق بين النائب و”العجل”، كلاهما يُوزن بالكيلوغرام.

في إقليمٍ كان يُقال عنه ذات زمن أنه “مسقط ومنبث الرجال”، لكن أن يواصل “فَرْقَاشْ” عفوا سمسار للانتخابات في مجالسه السخيفة، يُردد مستملحاته ذاتها مع بيع السمك والأبقار واكتساح الانتخابات بطرق احتيالية ملتوية، حيث يراقب السوق عن كثب.

العروض كثيرة، الطلب مرتفع، لكن السلعة نادرة، فمقعد برلماني أصيل، شبه جديد، لم يُستعمل إلا قليلاً، جاهزٌ للتسليم الفوري مع شهادة ضمان بخمس سنوات من الحصانة والامتيازات.

سادتي الكرام؛

السماسرة يتوافدون، يهمسون في أذنه بأسماء “الزبناء” المحتملين من أصحاب “الشْكَارَة”، والعيون تراقب. إنه ليس من أهل الدار طبعاً، فسطات لم يعد فيها رجال، أو هكذا يبدو. لذلك، ووفق منطق السوق، كان لا بد أن يخرج الكرسي في جولة سياحية خارج يافطة تحديد السرعة القصوى “بْلاَكَة 40″، ليعود وهو يحمل هويةً جديدة كـ “بديل” لمرشحي عاصمة الشاوية، صادرة عن عاصمة أولاد حريز، حيث المال الوفير والعطايا التي تُغلق الأفواه قبل أن تبدأ بالسؤال.

طبعا، المزاد لا يُقام في العلن، لكنه أيضاً ليس سرًّا، حيث يُقال أن “الفَرْقَاشْ”، يبحث عن “الأنسب”، أو لنقُل “الأقدر” على الدفع، فالمعيار ليس الذكاء ولا النزاهة أو القدرة على تمثيل الساكنة والترافع على همومها، بل “الثمن”، ومن يرفع أكثر، يجلس أولاً.

سادتي الكرام؛

لا أحد هنا يتحدث عن البرامج الانتخابية أو المصلحة العامة، فهذه أمورٌ تصلح فقط في خطب التلفزيون، أما على الأرض، فالأمور تُحسم بالسيولة النقدية، وبالأصفار التي تسبق الفاصلة، ولأن “السياسة فنّ الممكن”، فمن الممكن جداً أن تستيقظ ذات صباح لتكتشف أن ممثلك في البرلمان ليس ابن مدينتك، ولم يعش يوماً في أحيائها، ولا يعرف حتى أسماء شوارعها، لكنه يمتلك كل الحق في أن يتحدث باسمك، ويدافع عن قضاياك، ويتخذ قراراتٍ نيابةً عنك. كيف لا، وقد دفع ثمنك كاملاً؟! بل وبالتقسيط المريح تسلم “الشَنَاقْ” تسبيقه على أن يتم ثمن البيع مع تسلم تزكيته بعد تسوية المساطر القانونية لشهادة السكنى بمنحقه إقامة داخل أسوار الشاوية ؟

صدقوني سادتي الكرام؛

وصدقني أيها الناخب العزيز، ولا تحزن. لقد كنتَ جزءًا من العملية، حتى وإن لم يُطلب منك سوى أن تُصفّق، أو أن تقف أمام الصندوق البلاستيكي، لتضع الورقة التي لن يقرأها أحد. وإن كنتَ محظوظًا، فقد تحصل على مقابل: “قفة”، أو “ورقة نقدية”، أو حتى وعدٌ زائف بوظيفة لن تأتي.

المهم أن تبتسم، أن تشارك في العرس الديمقراطي، وأن تقتنع بأن الكرسي الذي غادر مدينتك، كان أصلاً مجرد قطعة أثاث فائضة عن الحاجة. وهكذا، بينما تتجول بعض المقاعد بين المدن، وتُشحن كالبضائع إلى وجهات جديدة، لا يزال البعض يسأل في غباء: أين الرجال؟ الجواب بسيط، يا صديقي: الرجال لا يشترون، ولا يُباعون. وما دام الكرسي قد أصبح سلعة، فلا تلومن إلا نفسك إن جلست عليه يوماً دميةٌ بلا صوت، تحركها خيوط المال كما يشاء أصحابها. ليبقى السؤال البريئ والمشروع مفتوحا: أليست أمهاتنا ولادات للرجال في قلب الشاوية، حتى نستقطب رجلا من عاصمة أولاد حريز لتمثيل ساكنة عروس الشاوية؟

..يتبع..واللي جا قدو الصباط يلبسو…