ربورطاج: قضاة جطو يعرون واقع كلية الحقوق بسطات في انتظار ترتيب الجزاءات

لا حديث هذه الأيام داخل الأوساط الجامعية إلا عن المجلس الأعلى للحسابات وتقريره الذي يقدم حصيلة مهام مراقبة تسيير المؤسسات العمومية برسم سنتي 2016/2017، والذي يكشف تشخيصا ناريا لواقع التكوين الأساسي ببلادنا، بحيث ركز ذات التقرير من خلال عملية التقييم هذه على بعض أخطر الاختلالات التي تحولت إلى وصمة عار على جبين بعض مؤسساتنا الجامعية.
في هذا الإطار تشكل كلية الحقوق التابعة لجامعة الحسن الأول بسطات، على الأقل من خلال ما ورد في تقرير المجلس الأعلى، نموذجا صارخا للأعطاب التي تعرفها منظومة التعليم العالي ببلادنا. وقد تحولت هذه المؤسسة الجامعية تحت حصن الحزب الحاكم خلال السنوات الأخيرة إلى مستنقع حقيقي لعدة اختلالات سردها المجلس الأعلى للحسابات في تقريره وأخرى سقطت منه، اختار سكوب ماروك تسليط الضوء عليها في قراءة تحليلية في انتظار تحديد مآل هذا التقرير…
قبول طلبة على أساس شهادات غير تلك المنصوص عليها بالملفات الوصفية
ورد في التقرير السالف الذكر أنه تمتسجيل مجموعة من الطلبة بالإجازة المهنية في مسلك "تدبير وإدارةالمستخدمين" برسم السنة الجامعية 2009/2010، منهم طالب أدلى بشهادة مسلمة من مؤسسة خاصة، ومنهم طلابحاصلون على شهادة تقني، في حين أن الشهادات المسموح بها هي شهادات تقني متخصص.وللإشارة فقد تم تهريب الأستاذ المشرف على هذا التكوين إلى مؤسسة أخرى مباشرة بعد حلول قضاة المجلس الأعلى بالمؤسسة.
وبالنسبة لنفس الكلية، لاحظ المجلس الأعلى للحسابات بأن مجموعة من الطلبة تم تسجيلهم بماستر العلوم الأمنية، علمابأن الشهادات المقدمة لأجل التسجيل في هذا الماستر لا تخول الحق في ذلك حسب الدفتر الوصفي للمسلك، حيث تبين أنه من بين الديبلومات المعنية تلك المحصل عليها في الأدب العربي والأدب الفرنسي وعلوم الأحياء.
قبول تسجيل طلبة دون دراسة ملفاتهم ودون اجتياز المباراة
عمدت كلية الحقوق بسطات إلى تسجيل تسعة طلبة بماستر العلوم الأمنية برسم السنة الجامعية 2009-2010 دون أن ترد أسماءهم بلائحة الطلبة المقبولين للتسجيل بهذا المسلك. وللإشارة فعميد الكلية السابق (ع.ت) هو من يشرف إلى اليوم على هذا الماستر.
وفي كلية الحقوق بسطات دائما تم تسجيل25 طالبا في سلك الإجازة المهنية بمسلك العلوم والتقنيات الضريبية دون أن يتوفروا على أية ميزة، في حين أن الملف الوصفي يشترط ميزة واحدة على الأقل. وفي نفس الكلية لاحظ المجلسالأعلى للحسابات بأن عملية التسجيل بالإجازة المهنية المتعلقة بالعلوم الأمنية لم يراع فيها استيفاء شرط توفر المدارك اللازم اكتسابها مسبقا وكذا شرط الولوج ، إذ تم تسجيل طلبة حاصلين على دبلوم الدراسات الجامعية العامة في علوم الحياة والأرض و دبلوم الدراسات الجامعية العامة في الفيزياء والكيمياء و دبلوم المعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية و دبلوم تقني من الدرجة الثانية مسلم من طرف معهد تكوينالتقنيين والأعوان التابع لوزارة الداخلية ودبلوم الدراسات الجامعية العامة في الأدب الفرنسي.
فتح مسالك للتكوين الأساسي مؤدى عنها
عمدت إدارة كلية الحقوق بسطات، في إطار التكوين الأساسي، إلى فرض رسوم دراسية على الطلبة دون أي سند قانوني. إذدفع الطلبة المسجلون بالماستر بمسلك "العلوم والتقنيات الضريبية" مبلغ50.300,00درهم لكل واحد منهم من أجل الاستفادة من هذا التكوين الأساسي. كما لاحظ المجلس الأعلى للحسابات نفس الممارسات بالنسبة لتكوينات أساسية أخرى متعلقة بالإجازة المهنية برسم السنوات الجامعية2009/2010، 2010 /2011، 2011/2012، ويتعلق الأمربمسالك "تدبير وإدارة المستخدمين" و"مهنة رئيس محاسب" و"تقنيات البنك". ولقد دفع كل طالب مسجل بهذهالمسالك مبلغ 25.300,00درهم. وبهذا يكون المبلغ الذي تسلمته الكلية في هذا الإطار قد وصل إلى ما مجموعه 6.325.000,00درهم. وللإشارة فالمشرف على هذه التكوينات الأخيرة هو نفس المنسق الذي تم تهريبه إلى مؤسسة أخرى قصد تجنيبه المساءلة.
ما سقط عن قضاة جطو في تقريرهم
ما لم يتم التطرق إليه من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات يخص بعض التجاوزات التي تعرفها كلية الحقوق التابعة لجامعة الحسن الأول بسطات والتي تفاقمت خلال الولاية الثانية للعميد المنتهية صلاحياته (2014- 2018)، وهي التجاوزات التي أسالت وافرا من المداد وأثارت كثيرا من اللغط والقيل والقال، داخل وسائل الاعلام المحلية والوطنية، نخص بالذكر منها تسليم دبلومات وطنية عوض دبلومات جامعية لطلبة تابعوا تكوينهم في إطار التكوين المستمر المؤدى عنه؛ تهمة تزوير النقط ومحاضر المداولات؛ تهمة عدم احترام معايير الاستحقاق فيما يخص عملية الانتقاء لولوج سلكي الماستر والدكتوراه. وقد استفاد من هذه التجاوزات منتمون لحزب عميد الكلية؛ تهمة تفشي ظاهرة السرقات العلمية؛ عدم الالتزام بميثاق الأطروحات لا كما ولا كيفا؛تشكيل لجان على المقاس فيما يخص مناقشة البحوث؛ توظيفات مشبوهة استفاد منها بعض المقربين من بعض الأساتذة ومن عميد الكلية؛ منح شهادات جامعية لأشخاص لا يتوفرون على شهادة الباكالوريا، ومنهم موظف بالمجلس الأعلى للحسابات نفسه ؛ منح شهادة الإجازة لبعض الطلبة سنة فقط بعد حصولهم على شهادة الباكالوريا؛ منح دبلومات وطنية لطلبة مسجلين في مركز التكوين المستمر.
على سبيل الختم…
للتذكير فان بعض هذه الاختلالات تجاوزت مستوى الاستنكار لتصل في تطور ملفت للنظر إلى المصلحة الولائية للشرطة القضائية بسطات مرورا بالفرقة الوطنية وصولا إلى ردهات المحاكم باختلاف تخصصاتها (إدارية، ابتدائية، استئناف)، بعد أن عجزت وزارة التعليم العالي في عهد الوزير السابق لحسن الداودي على معالجتها وبعد أن أفضى النزاع بخصوصها بين عميد الكلية وبعض الأساتذة أو الطلبة إلى اللجوء إلى المحاكم. وربما كان من المجدي أن يطلع قضاة المجلس الأعلى، قبل مباشرة مهامهم، على شكايات الطلبة والأساتذة والإداريين الموجهة للوزارة قصد الوقوف على حجم الاختلالات لعلها تجد لها حيزا في فقرات تقريره.
إلا أن السؤال الأكثر إلحاحا والذي يطرح نفسه في زمن ربط المسؤولية بالمحاسبة يتمثل في: وماذا بعد صدور هذا التقرير؟ فهل سيتم مثلا هذه المرة عرض حالات التجاوزات الخطيرة التي تعرفها بعض مؤسسات التعليم العالي على الجهات القضائية المعنية من خلال تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ أم سيشكل هذا التقرير مجرد حلقة من حلقات تبرير سياسة تخلي الدولة عن التعليم العمومي؟