من سيربح الملايين شهريا في انتخابات سطات.. ؟

من سيربح الملايين شهريا في انتخابات سطات.. ؟

قد لا يتخيل "جورج قرداحي" معد ومقدم برنامج من سيربح المليون الواسع المشاهدة بالوطن العربي، بأن ثمة طرق أخرى أبسط، أسهل وأمتع لربح ملايين شهريا وعليها كرزة لذيذة تسمى في وطني "التقاعد"، بدون سين وجيم، وبدون حرق أعصاب، 11 ساعة كافية لتحمل المحظوظ (ين) لعلياء المجد وترسم أمامهم طريقا مفروشا بالامتيازات لخمسة سنوات كاملة.

لحظة..

ربط الاستحقاقات الانتخابية بالتعويضات السمينة التي يحظى بها "المنتخبون" هو قمة العبث، وهو أيضا تجني صريح على أرقى أشكال الديموقراطية الذي هو التصويت الحر والنزيه لممثلي المواطنين في مختلف المؤسسات.

طيب..

الأمر مرتبط بتعاقد سياسي وأخلاقي بين مواطن اختار بشكل إرادي أن يكون فاعلا سياسيا وبين الناخبين، وعلى أساس هذا التعاقد يتم التصويت له من أجل أهداف واضحة، ومهام يؤطرها الدستور والقوانين العامة للبلاد.

وماذا بعد..

لأجل هذا الانتداب يمارس المواطن/ المنتخب صلاحياته في تمثيل الأمة ككل وليس الرقعة الجغرافية التي أحصيت أصواته بها، وعليه مسؤولية الاقتراح والتشريع والمراقبة السياسية للسلطة التنفيذية.

ماذا بعد ..

لا شيئ ..

هذه هي الانتخابات وهذه هي رهاناتها ..

فما الذي يحدث حتى تختلط لذينا المفاهيم، وتنتج كل هذه الرداءة، على جميع المستويات، بدءا من إنتاج خطاب رديء يسوق لولد القبيلة وولد الدرب والصديق فالفايسبوك، وصولا إلى تزكيته والبحث عن مسوغات يعتقد أصحابها بأنها على الأقل قللت من ألم در الملح على جرح الضمير.

ما الذي يجعل الطبقة السياسية بهذا الوهن وهذه الانهزامية وهي تزكي هذا الواقع عوض الإطاحة به، لم توقف صنع الأطر والنخب الحزبية عند مرحلة تحويل الواقع لشعارات رنانة عوض تحويل هذه الشعارات إلى واقع ملموس. كيف تقبل هذه النخب على نفسها أن تسوق لخطاب يضرب في سبب وجودها، أو ليست الأحزاب أداة لتأطير المواطنين والترافع عن قضاياهم، أين يتوارى هذا الشعار مع قرب كل انتخابات؟

إفلاس تنظيمي وسياسي كامل لا يمكن أن يزكي سوى البشاعة التي شهدناها ونشهدها اليوم مع قرب محطة الانتخابات المقبلة، صراع الديكة في كل مكان لخطب ود الأميرة (التزكية) بكل الوسائل المشروعة والغير مشروعة، وعلى دائرة قطرها لا يتجاوز العشرة أسماء على أبعد تقدير تقام الرقصات وتنصب الاستطلاعات وتجتهد ماكنات التوقعات على مناضد المقاهي كما مقرات الأحزاب.

ماذا يحصل .. أسطات التاريخ والحضارة، العطاء والبدل، لم تستطع سيداتها الفاضلات إنجاب غير هؤلاء؟ أهم فعلا قدر المنطقة ومصيرها المحتوم؟ هل قدر لسطات أن ترسل مع كل استحقاق انتخابي جحافل من الكسالى إلى البرلمان لا نحس لهم إثرا إلا حين يتفضل عليهم فريقهم البرلماني بسؤال يقرؤونه أمام شاشة التلفاز ؟ هل استقال مثقفوا المنطقة وضمائرها الحية، أطرها وطلبتها، مبدعوها وجمعويوها، شبابها ونساؤها عن أداء رسالتهم الأخلاقية، كيف لنا جميعا أن نزكي العبث؟ كيف لنا أن نصمت ؟ ..

يعتقد بعض "الفاهمين" بأن الشارع السطاتي في حالة ترقب لما ستفرزه الانتخابات المقبلة، وبأنه يبحث عن كل جديد وعن المرشحين المحتملين، وهو أمر للحقيقة لا يوجد سوى في أدهانهم، فقليلون من يهتمون والأغلبية الساحقة ملت من عزف نفس النوتة من طرف نفس الجوقة، وفي الأغلب أمام نفس الجمهور.

الكرة اليوم في ملعب الفاعل السياسي لتوجيه رسالة أمل للمواطنين، انطلاقا من إعادة الاعتبار لمدلول الترشيح عبر سن معايير الكفاءة، التعليم، ونكران الذات في عرضهم السياسي داخل حلبة السباق، والقطع مع أسماء بعينها مدفوعة بقوى غير تقليدية تنهال من العصبية، لكنها تشكل أقلية داخل المجتمع السطاتي إن قررت مكونات هذا المجتمع أن تنبض من جديد، وتنتفض وتستعيد دورها ومكانتها المحورية في فرز الأصلح لتمثيل المنطقة.