سطات.. هل يحوّل حزب التجمع الوطني للأحرار المال العام إلى وقود انتخابي قبل استحقاقات 2026؟

في سطات، حيث كان الفلاحون يترقبون دعماً ينقذ ما زهق من محاصيلهم، جاءت تعويضات التأمين الفلاحي الصادرة عن التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين “مامدا” لتكشف فوارق صادمة، بعدما نالت جماعات محظوظة بقدرة قادر، ما بين 300 و650 درهم للهكتار، وأخرى لم تتجاوز تعويضاتها ما بين 15 إلى 150 درهم، رغم تشابه الضرر المناخي، بل أن الجماعات التي استفادت من حصة الأسد، تميزت بمردودة متزنة إلى مقبولة مقارنة بالجماعات التي تبقى لها فتات “مامدا”.
المثير، بل والخطير، أن الجماعات المستفيدة بالسخاء الأكبر يقودها في الغالب حزب التجمع الوطني للأحرار، الحزب الذي يرأس الحكومة ويقوده عزيز أخنوش، حيث أن هذا التلاقي بين موقع السلطة وارتفاع التعويضات في مناطق محسوبة سياسياً، يفتح الباب واسعاً أمام شبهة استعمال النفوذ وتوجيه المال العام لخدمة حملة انتخابية سابقة لأوانها، قبل الاستحقاقات التشريعية لسنة 2026.
الدستور المغربي يمنع بشكل صارم أي استغلال للموارد العمومية في التنافس السياسي، ويضمن المساواة بين جميع المواطنين والجماعات الترابية. فإذا تحوّل الدعم المخصص للفلاحين المتضررين إلى أداة لشراء الولاءات وتكريس الحضور الحزبي، فإننا أمام تجاوز خطير يضرب في صميم نزاهة الحياة السياسية.
هذه ليست مسألة أرقام فقط، بل مسألة ثقة في الدولة ومؤسساتها، وعندما يمكن أن يصبح المال العام في خدمة أجندة حزب يرأس الحكومة، فإن الأمر لم يعد مجرد “توزيع غير متكافئ”، بل يمكن أن يتحول إلى خلط خطير بين العمل الحكومي والعمل الانتخابي.
وزارة الداخلية، وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، المجلس الأعلى للحسابات، هيئة النزاهة ومحاربة الرشوة، النيابة العامة، أمام امتحان حقيقي: إما التحرك العاجل للتحقيق ومحاسبة كل من يثبت تورطه، أو ترك الباب مفتوحاً أمام سابقة خطيرة تهدد أسس الديمقراطية المغربية. فداخل إقليم سطات اليوم، السؤال لم يعد: كم حصل الفلاح من التعويض؟ بل، كم خسرنا من نزاهة الوطن حين اختلط المال العام بالمال الانتخابي؟