عامل سطات يلملم برلماني سطات في لقاء تواصلي.. حين يُفاجئنا الغائبون ويغيب من كنا نعتقدهم الحاضر الدائم

في مشهد غير مسبوق، اجتمع برلمانيو إقليم سطات بشكل مفاجئ، في زيارات ميدانية استطلاعية لعدد من المرافق بمدينة سطات، من بينهما مرفقين يُمثلان عصبًا حساسًا في الحياة اليومية للمواطن السطاتي، حيث الأمر يتعلق بمستشفى الحسن الثاني من جهة، والشركة الجهوية المتعددة الخدمات من جهة أخرى. المبادرة في ظاهرها محمودة، وفي توقيتها ومكوناتها دلالات لا يمكن القفز عليها.
ما ينبغي التوقف عنده في البداية، هو أن هذه الزيارة لم تكن مبادرة فردية أو اجتهادًا عابرًا، بل جاءت بناءً على دعوة رسمية من عامل إقليم سطات، وُجهت إلى جميع النواب البرلمانيين الممثلين للإقليم لعقد لقاء تواصلي، ما يجعل الغياب عن هذا الموعد ربما لا يُبرَّر بأي التزام سابق أو ظرف طارئ، بل ربما قد يُفهم، سياسيًا، كاختيار شخصي بعدم التفاعل مع قضايا الإقليم الحيوية، أو كاستخفاف بمبدأ التتبع الميداني الذي يُعد من صميم المهام التمثيلية.
في ذات السياق، إن ثلاثة الصور الجماعية المتداولة بشبكة التواصل الاجتماعي فايسبوك، تخفي ورائها تساؤلات حقيقية حول من حضر، ومن غاب، ولماذا؟
أول الغائبين، وأشهرهم في الغياب، النائب البرلماني ربيع الهرامي، ممثل حزب الأصالة والمعاصرة. غيابه لم يُثر الاستغراب، بل عزّز الصورة النمطية عنه كاسم انتخابي لا برلماني. لا حضور ميداني، لا تفاعل مؤسساتي، لا ترافع جهوي يُحسب له، الغريب أنه لا يملك حتى شرف المحاولة، وكأن المقعد البرلماني أصبح ملكًا شخصيًا أو ارثا من والده لا يُستوجب عليه الحساب ولا الاستحقاق.
الغياب الثاني جاء من طرف النائبة سعيدة زهير، والتي التحقت بركب برلماني سطات في منتصف المدة الانتدابية، فعلى الرغم من طرحها لعدد من الأسئلة تحت القبة، إلا أنها اختارت أن تظل بعيدة عن هموم الإقليم حين خرجت من سياق البروتوكولات البرلمانية. فهل كانت الأسئلة مجرد واجب وظيفي، أم قناعة حقيقية بممارسة دور الرقابة؟ لأن من يؤمن بقضية ما، لا يختار توقيت الصمت حين تتحرك الأرض.
لكن المفاجأة الكبرى كانت في “الحضور المفاجئ” للنائب البرلماني سعيد النميلي عن حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي لطالما ارتبط اسمه بالغياب التام عن الساحة المحلية، حيث حضوره هذه المرة أثار من الأسئلة أكثر مما قدّم من الأجوبة. فهل هي يقظة ضمير فجائية؟ أم بروفة انتخابية ضمنية تمهّد لتحركات مستقبلية؟ أم هي بروباغندا مصقولة بلبوس المصلحة العامة؟ لأن من غاب طيلة المرحلة التشريعية لا يمكن أن يُقنع أحدًا بعودة طوعية دون خلفيات ظرفية.
في المقابل، لا بد من الإشادة ببعض الوجوه البرلمانية التي واصلت الحضور متمثلة في نائب رئيس مجلس النواب محمد غياث عن حزب التجمع الوطني لأحرار والدكتور مصطفى الدحماني ممثل حزب العدالة والتنمية سابقا ورجلي الأعمال مصطفى القاسمي ممثل حزب الاستقلال ومحمد هشامي ممثل حزب الحركة الشعبية، وتحمّلت مسؤولية التتبع والمساءلة، حتى وإن كنا ننتظر منها أن تنخرط منذ البداية في هذا المنطق الاستباقي، لا أن تُترك الساحة فارغة حتى يستفحل الخلل، فهذا التحالف البرلماني كان حري به ألا ينتظر دعوة عاملية للقاء مع عامل إقليم سطات الجديد محمد علي حبوها لعقد تواصلي أثمر في باكورته هذه الخرجة الميدانية، بل كان حري به أن يتم مع بداية والولاية التدبيرية التشريعية قصد تنسيق وتكثيف الجهود، وتشكيل لوبي برلماني حقيقي للترافع على قضايا الإقليم الحارقة.
القراءة الموضوعية لهذا التحرك البرلماني تفرض علينا أن نطرح سؤالًا مركزيًا: هل نحن أمام تحرك مؤسساتي نابع من إيمان بالدور الرقابي الحقيقي، أم أمام حملة تجميلية متأخرة لاستعادة ثقة آخذة في التآكل؟ وهل ما جرى هو لحظة وعي جديدة، أم مجرد هروب للأمام قبل موسم انتخابي قادم؟
إن الإصلاح لا يكون بالصورة، ولا بالحضور الموسمي، بل بتراكم الفعل، وبالاقتراب اليومي من نبض الناس، لا بالظهور المفاجئ في عدسات الكاميرا. أما المواطن، فقد صار يميّز جيدًا بين من يحضر للواجب، ومن يحضر للواجهة !!