عاشوراء سطات.. حين بقي الباشا وحيدًا يصرخ في وجه الظلام “فيناهما ناس الأمن”!

عاشوراء سطات.. حين بقي الباشا وحيدًا يصرخ في وجه الظلام “فيناهما ناس الأمن”!

الساعة تشير إلى حوالي الساعة السادسة مساء من يوم عاشوراء بسطات، باشا سطات يقود اجتماعات توجيهية داخل قصر بلدية سطات، استعدادا لتأمين ليلة ليست كباقي الليالي، بحضور رئيسة جماعة سطات وممثلي مصالحها، القوات المساعدة، وممثلي الشركة الجهوية متعددة الخدمات، الوقاية المدنية، قادة الملحقات الإدارية واعوان السلطة، عمال ومستخدمي شركة النظافة SOS، فضلا عن حضور نوعي لعدد من عمداء الشرطة كممثلين لولاية أمن سطات.

كانت الملامح مشدودة، والحديث واضحًا لا يحتمل التأويل، حيث باشا المدينة تحدث بلغة صارمة لا تقبل التأويل: “لن نسمح بأن تتحول عاشوراء إلى مسرح للفوضى والعبث، المطلوب من الجميع التحرك الميداني المكثف، توزيع الدوريات حسب النقاط السوداء، واليقظة التامة في التعامل مع أي تهديد للأمن العام”.

تم تقسيم المهام بدقة، وحدات متفرقة، التعليمات كانت واضحة، والخطة على الورق بدت مُحكمة، لكن… حين حلّ الليل، واشتد لهيب الإطارات المحترقة، وتعالت فرقعات المفرقعات التي تُباع في كل زاوية دون رقيب، سقطت الخطة أمام غياب شبه تام لتدخلات الأمن الوطني، حيث أعوان السلطة في الواجهة، رجال القوات المساعدة في مواقعهم، الباشا يتنقل بين الأزقة، يحثّ، يصرخ، يُتابع…لكن دوريات الأمن لم تكن في الموعد، ولم تتحرك بالسرعة المطلوبة، ما فسح المجال أمام المراهقين والجانحين لتحويل الأحياء الشعبية إلى ساحات كرّ وفرّ.

النتيجة؟ ليلة كان الجميع ينتظر منها أن تمر بسلام، نظرا لكون عاصمة الشاوية تحوي بين مؤسساتها ولاية لأمن سطات، وثكنة تضم خيرة فرق أمن مكافحة الشغب ولها من التجربة في تأمين ملاعب كرة القدم، ما يؤهلها أن تكون على قمة هرم تأمين سلامة وممتلكات مواطني سطات، غير أنه في الليلة الظلماء افتقد البدر.

في الليلة التي اشتعلت فيها الإطارات، وانفجرت المفرقعات كأنها ساحة حرب، وخرج العشرات إن لم نقل المئات من الطائشين يرتدون ألثمة وأقنعة “كاغول” لرشق المارة والسائقين والساكنة بقنينات الجعة الفارغة، لم نرَ من الدولة سوى رجل واحد واقف في وجه الفوضى: باشا سطات.

نعم، كان وحده والفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك توثق بالدليل الذي لا يقبل التأويل أو التحريف تدخلاته البطولية وانفعالاته بين الفينة والأخرى لغياب المؤازرة والحماية الأمنية … يتنقل بين الأزقة، ينسق بين الدوريات، يتصدى للطيش، يصرخ: “أين الأمن”؟ أين المسؤولون؟ بينما من يُفترض أنهم في الميدان، غابوا في صمت يثير أكثر من علامة استفهام، حيث مشاهد العبث، التخريب، واللا قانون، مرّت أمام أعين الساكنة كما لو أننا في مدينة بدون مؤسسات… بدون خطة… بدون هيبة!

البارحة لم تكن مجرد “ليلة عاشوراء”، بل كانت ليلة عرت واقعًا مرًا: حينما يُترك رجل سلطة يواجه وحده الانفلات، في حين يختفي من يُفترض أنهم أهل “التدخل السريع”.

الأسئلة الآن ليست عن الألعاب النارية، بل عن صمتٍ رسميٍّ مخجل، وانسحاب غريب لجهات من المفترض أن تكون أول من يتحرك…فمن يحاسب هذا الغياب؟ ومن يعيد للشارع هيبته.

ليلة عاشوراء انتهت بانتقادات لاذعة من المواطنين، ومرارة واضحة في أعين من اجتهدوا في التخطيط والمتابعة، فما حصل يطرح أسئلة حقيقية..سيناريو تكرر، وربما يعاد… إن لم يتم تدارك هذا الاختلال الخطير في منظومة التدخل الأمني بمدينة سطات.

…………….لنا عودة للموضوع بالصوت والصورة من قلب الحدث………..