بشرى لساكنة سطات.. فضمي تراهن على ضخ جرعة أنسولين في مؤسسة التعاون بين الجماعات للبيئة والتنمية المستدامة لإنعاش الحكامة البيئية والمؤسساتية

بشرى لساكنة سطات.. فضمي تراهن على ضخ جرعة أنسولين في مؤسسة التعاون بين الجماعات للبيئة والتنمية المستدامة لإنعاش الحكامة البيئية والمؤسساتية

في سياق يتّسم بتعقيد التركيبة المؤسساتية للجماعات الترابية، وبالخصوص تلك المنضوية تحت لواء مجموعات الجماعات، تبرز مؤسسة التعاون بين الجماعات للبيئة والتنمية المستدامة، كنموذج حقيقي لاختبار مدى نضج الفاعل المحلي، وقدرته على تجاوز الإكراهات القانونية والتنظيمية لتأمين استمرارية المرفق العمومي والرفع من فعاليته.

فبعد أن كانت هذه المؤسسة تحت رئاسة رئيس جماعة ابن أحمد السابق، والذي تم عزله بموجب قرار قضائي بسبب حالة تنازع المصالح- وهي ظاهرة تكشف عن خلل بنيوي في تدبير تعاقدات المنتخب مع الشأن العام- تمت إحالة المسؤولية إلى نائبه، الذي يتمثل في الرئيس السابق لجماعة سطات، غير أن المسار لم يلبث أن اصطدم بنفس الحاجز القانوني، حيث قضت المحكمة الإدارية كذلك بعزله، في قرار يعكس بشكل صارخ تشدد القضاء الإداري في تطبيق مبدأ الحياد والشفافية، لا سيما في ملفات تتقاطع فيها المصالح العمومية مع الممارسات الفردية.

هذان العزلان المتتاليان لم يكونا مجرد وقائع إدارية عابرة، بل كشفا عن هشاشة البنية التقريرية داخل مؤسسة التعاون بين الجماعات للبيئة والتنمية المستدامة بسطات، وجعلت من مسألة القيادة والاستمرارية إحدى النقاط الحرجة في مسار مشروع بيئي استراتيجي، يتمثل في مشروع إنجاز مركز طمر وتثمين النفايات المنزلية لإقليم سطات وكذا مشروع تأهيل وإغلاق المطرح الحالي للنفايات.

الفرصة اليوم وإن كانت ضيّقة، لا تزال قائمة بقيادة سلطة إقليمية جديدة تحمل معها رؤية واضحة للإصلاح، حيث الرهان بات معقوداً على الأستاذة ندية فضمي رئيسة جماعة سطات، وممثلة الجماعة التي تحتضن أكبر عدد من النسمة السكانية بإقليم سطات، التي يبدو أنها بصدد وراثة مشهد مثقل بالتأجيلات والإخفاقات، ولكن في المقابل تحمل بين اناملها نجاح “نون النسوة” في تدبير المرحلة الانتقالية لأكبر جماعة ترابية داخل منطقة الشاوية، حيث أظهرت تجربتها في الشهور المنصرمة الماضية على كفاءتها ورصانة رؤيتها التدبيرية التي ترتكز على البعد التشاركي، بعدما تكللت مجهوداتها في لململة مكونات المجلس الجماعي أغلبية ومعارضة للانضمام إلى مشروعها التنموي، دون الحديث على ديناميتها التي تتجلى في الدعم  بإرادة وزارية واضحة، جسدتها مساهمة عدد من الشركاء  يتمثلون في الوزارة الكلفة بالبيئة ووزارة الداخلية وعمالة سطات بالإضافة إلى مؤسسة التعاون بين الجماعات للبيئة والتنمية المستدامة، التي ستقودها أيقونة جماعة سطات ندية فضمي، بغية إخراج اتفاقية الشراكة الموقعة سنة 2018 بين الشركاء السالف ذكرهم، قصد إخراج مشاريع بيئية واعدة إلى حيز الوجود، تتمثل في  مشروع إنجاز مركز طمر وتثمين النفايات المنزلية لإقليم سطات بغلاف مالي يتجاوز 74 ميون درهم ستساهم خلالها الوزارة المكلفة بالبيئة بغلاف مالي يناهز 56 مليون درهم، بينما المشروع الثاني يتعلق بتأهيل وإغلاق المطرح الحالي للنفايات بغلاف مالي يصل أزيد من  43 كليون درهم،  ستساهم خلالها الوزارة المكلفة بالبيئة بمبلغ يتجاوز 32 مليون درهم.

إن الأستاذة ندية فضمي، بيدها اليوم مباشرة الحكامة البيئية، مع إعادة هندسة مؤسساتية لمؤسسة التعاون بين الجماعات للبيئة والتنمية المستدامة، حيث تتقاطع فيها النجاعة مع المساءلة. لكيلا تُهدر فرص التمويل، وتتراكم التكاليف البيئية والاجتماعية، وjصبح المشاريع المذكورة مثالًا صارخًا على أزمة التخطيط الترابي في سياق لا يزال يعيش على وقع القرارات الإدارية بدل منطق الرؤية المندمجة، وإلا، فسنجد أنفسنا، مرة أخرى، أمام دورة مغلقة من الأعذار والتبريرات والاخفاقات، حيث تُفقد فرص التمويل، في مشهد يهدد بتهريب التنمية من بين أيدي ساكنة تنتظر فقط الحق في بيئة نظيفة، وتدبير عقلاني لمواردها الجماعية.