“حبوها”: هذه أجندة ورهانات المجلس الإقليمي لسطات.. حين تصبح الدورة الدستورية أقل أهمية من اللقاء التواصلي مع المسؤول

المنتظر – ويا للمفارقة – أن يُعقد لقاء تواصلي رسمي يوم الأربعاء المقبل يجمع عامل إقليم سطات الجديد مع مكونات المجلس الإقليمي لسطات، وهو نفس “المنتظر” الذي غاب عن لحظة دستورية لا تُعوّض، وهي الدورة الرسمية للمجلس الإقليمي برسم شهر يونيو الجاري.
غيابٌ لا يمكن تأويله بمنطق الصدفة، بل هو مؤشر دالّ على أزمة منهجية في مقاربة الشأن العام، وخصوصًا حين يكون الغائب هو من يفترض به أن يكون صمام الآمان أو “الراصد الأول” للاختلالات و”الضامن المؤسساتي” لتفعيل البرامج الترابية. فلو كلف السيد العامل نفسه عناء الحضور – مجرد الحضور فقط، لا اتخاذ القرار – لكان قد عاين ميدانيًا عمق المأزق المؤسساتي الذي يعيشه المجلس الإقليم لسطات، ولأدرك ربما أن بعض الملفات لم تعد تحتمل مزيدًا من الترحيل أو التسويف الإداري، خاصة وأن الأمر لا يتعلق بزينة تزيينية لواجهة إدارية، بل باتفاقيتين تُختزل فيهما رؤية إقليم بأكمله: الأولى تخص تهيئة 18 جماعة، وهي ليست رقما للزينة، بل تمثل ثلثي البنية الترابية للإقليم، بينما الثانية تتعلق بالماء الصالح للشرب، وهو ليس رفاهًا في موسم الاصطياف، بل شرط وجودي في قرى ومدن تئن تحت العطش داخل تراب إقليم سطات.
فهل يُعقل أن نظل سجناء توقيع بسيط في وزارة الداخلية منذ أزيد من سنة كاملة، بينما الزمن الإداري يُفرّغ الاتفاقيات من مضمونها، والساكنة تؤدي فاتورة الجمود في صمت؟
ما يحدث هنا ليس فقط إخلالًا بالواجب المؤسسي، بل استهتار ضمني بالبعد الاستراتيجي للتنمية المجالية، لأن من لم يرَ في غيابه خللًا، لن يرى في انتظار التأشيرة كارثة، ولن يفهم – لا قدر الله – أن التنمية لا تُدار بتقنية “الانتظار النشيط”، بل بجرأة الفعل ووضوح القرار.
إننا نعيش لحظة سياسية شبيهة بـ”المسرح العبثي”: ملفات كبرى تنتظر توقيعًا صغيرًا، ومجالس تشتغل بميزانية محدودة شبه مجمدة، وسلطة وصية تغيب عن منصة التشخيص، ثم تظهر فجأة في موعد غير معروف المضمون، وكأنها تحل ضيفًا على إقليم لا تعرف تضاريسه.
من حقنا أن نسأل اليوم: هل نحن أمام إدارة للإقليم أم أمام تمارين إدارية في إدارة الوقت الضائع؟ وهل الحضور الرمزي للسلطة كافٍ لإنتاج أثر مادي على الأرض، أم أن حضورها يجب أن يكون حقيقيًا، صارمًا، مستنيرًا بالمعلومة والمعاينة؟
وحتى لا نُتهم بالتجني، نقول: إن اللقاء التواصلي المذكور، قد يكون مناسبة لمحو آثار الغياب، لكن بشرط أن لا يتحول إلى مشهد من مشاهد العلاقات العامة، لأن ما ننتظره وينتظره رعايا صاحب الجلالة بتراب إقليم سطات، ليس “تأطير الصور” التي ستغرق منصات التواصل الاجتماعي “ستوريات، رييل…”، بل إعادة ترتيب الأولويات وفق مقاربة علمية تشاركية تُعيد للمجالس اعتبارها، وللاتفاقيات جدواها، وللسلطة دورها الحقيقي كرافعة للتنمية، لا كجهاز مراقبة بيروقراطي.
وفي انتظار أن يتحول الاجتماع من “حدث مرتقب” إلى “منعطف حقيقي”، يظل الإقليم يعيش على إيقاع مفارقة مؤلمة: منصات الاجتماعات تُبنى… بينما الأثر يظل مؤجلًا إلى حين إشعار غير مسجل.