حين يصبح الإخلاص للوطن تهديداً.. قراءة في الهجمة المُمنهجة على المستشار رحال فاروق ومن يسير على دربه باسم حديقة الأبرار العمومية

في هذا المنعطف الدقيق من التاريخ المحلي، لم يعد غريباً أن يتحوّل الإخلاص في العمل إلى سلوك مشبوه، وأن يُنظر إلى الصدق كخطر وجب تحجيمه. ولعل ما يعيشه المستشار رحال فاروق ليس سوى واجهة مكشوفة لحرب صامتة تُشنّ على كل من قرر ألا يكون مجرد رقم في دفتر الحضور الجماعي أو موظفاً للصور والمجاملات، لكن الأخطر في هذا السياق، أن هذه الحملة لا تطال المستشار فاروق وحده، بل تمتد بصمتٍ متعمد لتشمل أطرافاً أخرى تُعتبر – في نظر صُنّاع العبث – شريكة في “جريمة النزاهة”. فقد أصبح كل من يشتغل بضمير، سواء داخل المجالس المنتخبة أو ضمن السلطة المحلية والإقليمية، مشروع هدف قابل للإسقاط المعنوي، عبر إشاعات رخيصة، وتدوينات ملغومة، وأحاديث مقاهي تُبنى على “قالوا” لا على وقائع.
تتكرر الأسئلة: لماذا يُستهدف من يشتغل؟ لماذا يُحاصر من لا يُساير؟ لماذا يُشهر سلاح الإشاعة كلما ظهر نموذج يحمل بعض ملامح الصدق؟ الجواب، في العمق، يرتبط بمقاومة قديمة جديدة لكل مشروع يهدد المنظومة القائمة على السكون والتواطؤ. فالعقلية التي اعتادت العبث بالمسؤولية العامة، لا يمكنها أن تهضم وجود نماذج تشتغل خارج منطق المحاباة والانتظارية.
إن ما يفعله رحال فاروق كرجل أعمال ينحد من قلب عاصمة الشاوية، أوما يقوم به المجلس البلدي او الفعاليات الجمعوية، أو عدد من رجال السلطة المحلية والإقليمية ممن يشهد لهم الناس بالحضور الميداني والعمل المتزن والجاد والهادف، هو ببساطة إعادة تعريف الفعل العمومي. ومن الطبيعي – وفق هذا المنطق – أن يشعر البعض بالذعر، لأن هذه النماذج المشرفة تكشف دون ضجيج، فشل أولئك الذين لم يفلحوا سوى في تثبيت الكراسي تحتهم أو بسط عراقيل لفرملة مسار عمل آخرين كيفما كان.
نعم، المعركة اليوم ليست أخلاقية فقط، بل هي معرفية كذلك. لأن من يهاجم الصدق لا يملك بديلاً معرفياً أو مشروعاً للتغيير، إنه فقط يريد أن يسحب الجميع إلى نفس المستوى، حيث لا اجتهاد، ولا جرأة، ولا بوصلة…إننا أمام مفترق طرق حقيقي: إما أن نبارك عودة العقلاء إلى المشهد، وندعمهم يشتغلون لخدمة الوطن، ليتقوى صوت الإصلاح من داخل المؤسسات، أو نواصل الفرجة، حتى يُجتثّ الصادقون من الميدان، ويُترك المجال للتافهين وتجار الولاء، فرحال فاروق، وكل من يشبهه من رجال ونساء الدولة في صمتهم وصدقهم، ليسوا في حاجة لتبرئة ذممهم، بل نحن من نحتاج أن نعيد النظر في طريقة تفاعلنا مع المشهد، وأن نُميّز بين من يصنع الفرق، ومن لا يصنع إلا الضجيج.
ولهذا كان حري قبل توزيع المغالطات والإشاعات حول الحديقة المتواجدة على طول شارع الجنرال الكتاني بسطات، التي باتت بمبادرة جمعوية بتنسيق مع المجلس الجماعي والسلطة المحلية والإقلمية، وبمساهمة من المستثمر رحال فاروق، تحمل مبدئيا اسم حديقة الأبرار العمومية، نسبة إلى المؤسسة التعليمية المجاورة لها، نفض الغبار على الوقائع والاحداث والمستندات، التي ستكشف لا محالة أن الامر يتعلق بمشروع رائد بمبادرة جمعوية ومباركة مسؤولي المدينة، حيث أخذت الجمعية المغربية لحماية البيئة والتنمية المستدامة بسطات، على عاتقها في وقت سابق إحداث حديقة عمومية انسجاما مع تصميم التهيئة العمرانية وتنزيلا لاتفاقية شراكة تجمع الجمعية حاملة المشروع مع السلطة الإقليمية ممثلة في عامل إقليم سطات والمجلس البلدي لسطات، والتي تم توقيعها بمناسبة اليوم العالمي للبيئة في 5 يونيو 2013، والتي تواكب اتفاقية شراكة سابقة بمناسبة اليوم العالمي للأرض في 22 أبريل 2010 مع مجموعة مدارس الأبرار الخصوصية، وملحق لنفس الاتفاقية تم توقيعه بتاريخ 22 أبريل 2017، قصد المساهمة في التهيئة والبستنة والسقي لنفس الفضاء، حيث أن إحداث الحديقتين ساهم في إضفاء لمسة جمالية على شارع الجنرال الكتاني واستجابة للتطلعات الملحة للساكنة المجاورة التواقة لمساحة خضراء بحيها، بدل تركه في حلته السابقة متعا يستقطب الدواب والكلاب الضالة والمتشردين والمتسكعين الذين يعاقرون الخمر بها، إضافة إلى تحويلها لمطرح عمومي للنفايات المنزلية.
إن المغردين خارج سرب الإصلاح، كان حري بهم تثمين العمل الجاد والهادف، لتعميمه على باقي أرجاء المدينة، مثلما نجحت نفس الجمعية على عاتقها في إحداث حديقة حي القسم بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وحديقة دار الشباب الحي الإداري بتمويل من وزارة البيئة ووزارة الشباب والرياضة سابقا، وحفر بئر بشارع الفردوس لسقي حدائق حي مجمع الخير بدعم من أحد الخواص…، عوص تزييف الحقائق لتمرير مغالطات إلى الرأس العام.
إن مشروع حديقة الأبرار العمومية بشارع الجنرال الكتاني، قد استفاد من دعم لا مشروط من جماعة سطات بعد طلب تحت عدد 296/2020 بتاريخ 13 يناير 2020، حيث خصصت جماعة سطات دعما ماليا وصل 35 ألف درهم سنة 2020، تم وضعه بحساب الجمعية، التي تم صرفه بتأشيرة من عامل إقليم سطات، معتبرا إياه ضمن المصاريف الإجبارية لتسديد نفقات المقاولة المشرفة على الأشغال رغم الظروف الاستثنائية، التي كانت تعيشها بلادنا جراء تداعيات جائحة كورونا، فضلا على دعم ثاني بناء على طلب بتاريخ 29 غشت 2018 إلى المصالح الجماعية بسطات، لتهيئة الفضاءين المذكورين، اللذان كانا يشكلان نقط سوداء، نظرا لتجمع الدواب ورمي النفايات بهما وتجمع قطعان من الماشية، والتي انطلقت بموجبه أشغال التهيئة، إلى حين تاريخ 13 يناير 2020، حيث تقدمت الجمعية بطلب آخر قصد حفر بئر، بعدما نجحت رفقة شريكها “مجموعة مدارس الأبرار” في الانتهاء من تهيئة الفضاء الأول، وتحويله إلى حديقة أضفت جمالية على شارع الجنرال الكتاني، حيث نجحت الجمعية في الحصول على رخصة الموافقة المبدئية لحفر البئر.
جذير بالذكر، أن الجمعية المغربية لحماية البيئة والتنمية المستدامة بسطات، نجحت في ان تتربع على عرش الجمعيات الناشطة في مجال البيئة سنة 2022 من طرف وزارة البيئة والتنمية المستدامة، فضلا على تتويجها بجائزة أنظف حي بسطات سنة 2024 المنظمة من طرف المجلس البلدي لسطات، حيث باتت شريكا وفيا لمختلف المتدخلين والفاعلين في مجال البيئة.