العلبة السوداء لجماعة سطات..

العلبة السوداء لجماعة سطات..

يتداول العديد من الملاحظين والمتتبعين للشأن الجماعي بمدينة سطات في بداية كل سنة موضوع الحساب الإداري للجماعة بالدرس والتحليل في مقالات تنشر على صفحات الصحافة الوطنية. وإذا كانت هذه الظاهرة صحية ومحمودة لأسباب عدة أهمها أن وثيقة الحساب الإداري تحيل على تدبير أموال عمومية من حق الجميع معرفة مآلها، بل من واجب الجميع تتبع مصيرها، فإن جل الكتابات حول الموضوع لا تشفي الغليل لافتقارها أساسا للأرقام والدليل الذي يحدد نوعية التسيير بين الجيد أو العبثي.

استنادا إلى ذلك حاولت النبش في رفوف جماعة سطات قبل أن أعرض على ساكنة سطات معطيات تعتبر العلبة السوداء لرئيس المجلس البلدي بسطات على اعتبار أنه المسؤول الأول حسب المادة 47 من الميثاق الجماعي، التي تنيط برئيس المجلس الجماعي مهمة وضع أو إعداد الحساب الإداري. إن القراءة الأولية للحساب الإداري بشكل حصري قبل عرضه على أنظار المجلس البلدي بسطات يوحي بأرقام مخيفة جدا بما للخوف من معنى، ومن خلال تفكيك رموز الأرقام وكشف ما وراءها من معطيات توشي أن حياة جماعة سطات وأنشطتها خلال السنة المنصرمة كانت بشكل أكثر من "عبثي"، وخاصة تدبير مواردها المالية الذي كان جد ارتجالي، والحصيلة من المداخيل ثانوية مقارنة مع الباقي استخلاصه. .
هذا المقال إسهام متواضع لتقريب آليات التحليل المالي للحساب الإداري لجماعة سطات، وأبسط رقم قبل الدخول في التفاصيل في مقالات لاحقة لمناقشة مضمون الأبواب والفصول  التي يتضمنها الحساب الإداري لسنة 2014، فإن مداخيل الجماعة برسم سنة 2014 هي 440 442 77 درهم، بينما وأتمنى ألا يصدم القارئ عندما يعلم أن الباقي استخلاصه برسم سنة 2014 هو 496,90 906 81 درهم، أي أزيد من مداخيل الجماعة أو بمعنى آخر أن رئيس الجماعة لم يسهر على تحصيل أزيد من ثماني مليارات من المال العام التي مازالت موضوعة في جيوب فردية، أي أن ميزانية ما يكفي لتنمية 10 مدن إفريقية جنوب الصحراء، لم يسهر الرئيس على ضخه في خزينة الجماعة لتنمية مدينة سطات واكتفى بتصريح سابق على راديو
mfmيخبر فيه المستمعين أن ميزانية سطات ضعيفة.

بالفعل فميزانية سطات الضعيفة حسب قوله نتيجة لسوء تدبيره، لأنه لم يسهر على حث مصلحة الجبايات على استخلاص ماليتها التي ما زالت تائهة في جيوب عدة أشخاص، مما يطرح عدة علامات استفهام بريئة حول سبب هذا السلوك: هل هو تواطؤ مقصود من الرئيس خوفا من إثارة غضب الملزمين الذين يعتمد على أصواتهم ودعمهم في الحملات الانتخابية؟ أم أن الأمر يتعدى سلطته وغير قادر على تفعيل المسطرة القانونية في وجههم؟ أم أن هناك اعتبارات أخرى يجهلها الجميع باستثناء الرئيس؟

إن "الباقي استخلاصه" حصيلة تراكمت  هذه السنة بشكل مخيف، حيث تحولت من 109,91 882 66 درهم سنة 2012 إلى 086,28 655 74 درهم سنة 2013 لتصبح 496,90 906 81 درهم سنة 2014. أضحت هذه الظاهرة ورما ووباء ينخر ميزانية تسيير جماعة سطات مما يجعلها بحاجة إلى جرعات أنسولين تخرجها من سكتة وشيكة لدواليبها. وتتعدد أسباب عدم استخلاص تلك المداخيل، كظاهرة مالية معقدة ومركبة، متأرجحة بين التهاون في التدبير وغض الطرف لدوافع مرتبطة بحسابات سياسية تحكمها خلفيات انتخابوية… مما يجعل كل أعضاء المجلس البلدي مطالبين أكثر من أي وقت مضى بإسقاط الحساب الإداري وفتح المجال لوزارة الداخلية والمجلس الأعلى للحسابات ليقولوا كلمتهم حول هذا التسيب في تبدير المال العام، كما أن والي جهة الشاوية ورديغة وعامل إقليم سطات مطالب هو الآخر بإنجاز تقرير باعتباره سلطة الوصاية وممثل صاحب الجلالة على رأس جهة الشاوية ورديغة لتوجيهه للإدارة الترابية قصد التدقيق والتحقيق في كل هذه الخروقات والتسيب في المال العام الذي لا يضخ في خزينة جماعة سطات.

{facebookpopup}