الإجهاض السري على طاولة النقاش

الإجهاض السري على طاولة النقاش

شكل اللقاء الوطني حول الإجهاض السري المنظم اليوم بالرباط نقاشا واسعا حول إشكالية معالجة الإجهاض السري، حيث تمت مناقشته من جميع الزوايا والمقاربات الحقوقية والطبية والدينية والجمعوية، لإيجاد رؤية واضحة وتصور يتلاءم مع ثوابت ديننا وخصوصية بلادنا، وينسجم مع واقعنا، للوصول إلى مراجعة وتعديل القانون الجنائي الذي أصبح لا يستجيب للتحديات الحالية والإكراهات الحياتية.

وفي هذا السياق، أكد الحسين الوردي، وزير الصحة  أن معالجة إشكالية الإجهاض لا يمكن أن تكون قانونية صرفة لأن الدول التي اكتفت بالمقاربة القانونية وحدها فشلت بل في إطار المقاربة الشمولية ترتكز على ما هو وقائي للحد من نسب الحمل الغير مرغوب، والتقليص من اللجوء إلى الإجهاض كهدف أساسي.

وأشار وزير الصحة في اللقاء الوطني حول الإجهاض تحت شعار "الإجهاض: التأطير القانوني ومتطلبات السلامة الصحية"، الذي نظم أمس بالرباط إلى أن الإجهاض السري الغير مأمون يتم دائما في ظروف غير صحية والتي لا تحترم أبسط قوانين السلامة الصحية"، موضحا في السياق ذاته  أن "مجموعة من الفتيات والنساء – وخوفا من تبعات القانون الجنائي الحالي المتعلق بالإجهاض والذي يعاقب سواء مرتكبه أو الوسيط أو المستفيدة منه بعقوبات حبسية تتراوح ما بين سنة وخمس سنوات –  يلجأن إلى وسائل بدائية باستعمال أدوات حادة غير معقمة أو أعشاب سامة أو أدوية خطيرة الشيء الذي ينتج عنها مضاعفات صحية خطيرة تؤدي  في أغلب الحالات إلى الوفاة".

كما أوضحت الأخت كعيمة مازي، النائبة البرلمانية عن حزب الحركة الشعبية، أن "الحزب يدعو إلى فتح نقاش يشمل جميع الفعاليات والمتدخلين، من أجل تعديل القانون الجنائي المتعلق بتجريم الإجهاض في الفصل 153 من الدستور وملاءمته مع المواثيق الدولية الداعية، إلى صيانة حقوق المرأة الصحية والنفسية..، مضيفة إلى ضرورة نهج مقاربة "رباعية" تعتمد على الجانب الصحي والسوسيوثقافي والديني والقانوني، لمعالجة إشكالية الإجهاض السرية، في انتظار عرض مشروع تعديل القانون على البرلمان لمناقشته.

ومن جانبها، اعتبرت ممثلة عن وزارة العدل والحريات، أمينة فروخي، أن القانون الجنائي أصبح متجاوزا ولا يستجيب للتحديات الحالية الخاصة بالحفاظ على صحة الأم في تمتيعها بحقوقها الإنجابية، مما يستدعي الاعتماد على المقاربة التشاركية عن طريق إيجاد رؤية واضحة حول الإجهاض، تتلاءم والخصوصيات الثقافية والثوابت الدينية للبلاد، مؤكدة على أن الحق في الحياة هو أولى حقوق الإنسان.

ومن جهتها، أكدت عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسائي، أن الوقاية هي الأولى عن طريق عدم قيامهم بدورهم التوعوي والتحسيسي وكذا تسليط الضوء حول ظاهرة الإجهاض من طرف جميع المختصين، مع التركيز على التربية الجنسية ووضع قوانين تؤطرها، بالإضافة إلى تحديد الحالات التي من خلالها يعطى الحق للمرأة في اتخاذ قرار الإجهاض، اليوم قبل الغد، لأن المغرب يشهد 153 حالة ولادة غير شرعية كل يوم، حسب دراسة أجريت بين سنتي 2003 و 2009 في حين تعطي الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري أرقاما أكثر من الدراسة المشار إليها سابقا والتي حصرتها بين 600 و 1000 حالة يوميا .

وحسب المقاربة الحقوقية ، فقد دعا محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى فتح نقاش هادئ في الموضوع من زوايا مختلفة باعتباره حاجة مجتمعية ملحة، مستعرضا مختلف التجارب الدولية في هذا الصدد، مضيفا بان المشرع لا يمكنه اتخاذ القرار لوحده بدلا عن النساء المعنيات بالأمر باعتبار أن الحق في الصحة يشمل كذلك حقوق التصرف بصحتها.

وتجدر الإشارة إلى أن اللقاء عرف العديد من الإسهامات من طرف مختلف الفعاليات الطبية والقانونية والجمعوية ثم الدينية التي أكد من خلالها الدكتور مصطفى بنحمزة على أن الإسلام يعتبر المحافظة على النفس أولى من باقي الكليات المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية.

{facebookpopup}