مهنة النادلة..كيف تبدع امرأة
رغم أنه عالم غريب على المرأة إلى حد قريب، لكنها دخلته بقوة وشجاعة، حيث قامت مجموعة من السيدات والفتيات، بالعمل في المقاهي، بعد أن تعلمن كل فنون وتقنيات المهنة في تجربة فريدة لدى بعض الفتيات، وعلى ما يظهر أن الرقة والنعومة اقتحمت جميع نواحي الحياة وطرقت أبوابا جديدة، هذه الأعمال ظهرت في ظل التطورات الحديثة لتلبية بعض متطلبات الحياة الحديثة.
نجاة في عقدها الثالث نادلة في أحد المقاهي في مدينة الرباط، لا يختلف حالها عن العشرات من النساء اللواتي اخترنا هذه المهنة، التي تتطلب الكثير من الصبر بين الزخم الكبير من المرتادين للمقهى، تسعى بكل ما أوتيت من جهد لأن تبرع في مهنة ألفنا أن يمارسها الرجال.
تستيقظ باكرا، تقوم بترتيب الكراسي والطاولات وكنس بعض ما خلفته أقدام المارة على رصيف المقهى استعدادا لاستقبال أول الوافدين، وجلب رزمة الجرائد وعلب التبغ.. وكل ما تحتاجه ليومها الطويل رفقة خليط كبير من الناس الذين تختلف أعمارهم وعقلياتهم والقاسم المشترك بينهم هو الحصول على قهوتهم المفضلة وبخدمة جيدة..
ببذلة أنيقة تمزج بين الأسود والأبيض، وحداء رياضي يساعدها على التحرك بكل رشاقة؛ وصينية ومنشفة وابتسامة عريضة؛ تكون عنوانا لأحلى استقبال، للزبائن الذين يجدون ضالتهم في مقهاهم المفضلة لاحتساء قهوة والاطلاع على ما جادة به الجرائد من أخبار أو مشاهدة التلفاز أو لمجرد الجلوس في المقهى، التي أصبحت تستقبل أعدادا كبيرا من الناس، البعض منهم صارت المقهى عمل لمن لا عمل له ومكان لملأ الفراغ..
يتلخص عمل نجاة في استقبال الزبون ومعرفة نوعية القهوة أو المشروب، الذي غالبا ما يكون إما قهوة سوداء أو كأس شاي، ليتكلف شخص يدعى "البارمان" بإعداد الطلبية لتقدمها للزبون رفقة رزمة جرائد، إن كان الزبون ممن يحبون معرفة أخبار البلاد والعباد، سيناريو يتكرر طيلة النهار فتظل في ذهاب وإياب بين الطاولات على إيقاع موسيقى الصباح الذي يعرف زبائن قلائل ومستعجلين..
بكلمات مقتضبة تحدثت لنا عن مهنة لا تقل صعوبة عن مهنة الصحافة، وقالت بأنها تمارسها منذ سنين خلت؛ وتحتاج إلى الكثير من الصبر من أجل توفير مصروف شهري يعيلها، وعن كون المهنة جديدة بالنسبة للنساء؛ أكدت بأن كل شيء تغير والمرأة قد اقتحمت تقريبا كل المجالات والعمل كنادلة، ما هي إلا نموذج لعدد من المهن التي استطاعت المرأة أن تفرض نفسها فيها أسوة بالرجل..
واقتحمت المرأة جميع المهن ابتداء من المناصب السياسية الفعالة في المجتمع، وصولا إلى أبسط المهن من أجل توفير لقمة العيش، وخاضت مهن كانت إلى حد قريب حكرا على الرجل فقط، ولم تقم بذلك لمنافسة قرينها الرجل بل الحاجة المادية والاجتماعية دفعتها إلى مزاولة أي مهنة وخاصة ما يتعلق بالخدمات بعيدا عن قيود الأمس.
رغم ذلك لا يمكن أن نغفل الإشكالات المرتبطة بعمالة المرأة في وسط ينبني على أساس التمييز في أوساط العمل المبني أساسا على اللامساواة بين الجنسين في العمل خصوصا في المهن البسيطة، والتي تكون في الباطن بعيدة عن مراقبة الجهات الضامنة للحقوق، التي تحميها من مختلف أنواع التحرش والعنف أحيانا.
تتذكر فاطمة عاملة بنفس المقهى رفقة نجاة، الأيام الأولى لها كيف أن غالبية المرتادين لم يتقبلوا الفكرة، وتعرضها لمختلف أنواع التحرش، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى العنف، وكيف أن الأسرة لم تتقبل فكرة عملها في المقهى كنادلة، بالإضافة إلى أن أعين الناس لم تعتد على مشاهدة امرأة في المقهى منذ سنين خلت
{facebookpopup}



