سطات بين ذاكرة الوعود وقلق الانتظار.. هل يحمل عامل سطات الجديد بذور القطيعة مع زمن الأوهام؟

وأنا أقتفي مخرجات اللقاءات التواصلية الأخيرة التي عقدها عامل إقليم سطات الجديد محمد علي حبوها مع مكونات المجلسين الإقليمي والجماعي لسطات، لم تكن ذاكرتي لتخذلني، حيث عادت بي الصور والمشاهد إلى سنوات خلت، إلى لقاءات مماثلة، نُسجت خلالها الوعود بخيوط من حرير، وأُلقيت الكلمات على مسامع الحاضرين كما تُلقى الأمنيات في آبار الزمن.
حينها، تعهّد ممثلو أم الوزارات سواء عمال أو ولاة أمام أنظار ومسامع منتخبي سطات وبحضور ممثلي صاحبة الجلالة، أن يجعلوا من سطات مدينة عصرية، نظيرة لعواصم القرار العالمي، بل وذهب البعض في اندفاعه إلى تشبيهها بواشنطن وآخرون وصفوا مدخلها الشمالي كنسخة لسويسرا، بينما آخرون وصفوها بتوأمة مدينة الفجيرة، أو بجنة تُفرش طرقها بورق الغار، وتظللها مشاريع تنموية لا تنام، لكن ما إن انفضّت المجالس، حتى خفَت الصوت، وتجمد الحلم في قصاصات دراسات، ودفاتر تحملات وشراكات وزارية لا تزال تصطف بانضباط بارد في أرشيف العمالة، شاهدة على مرحلة عنوانها الأبرز: “الإفراط في الوعود، والتقشف في التنفيذ”.
سادتي الكرام؛
واليوم، حين ينفتح باب جديد تحت إشراف عامل جديد يبدو، في ظاهره على الأقل، أكثر جرأة في التواصل، وأكثر دقة في التشخيص، وحمل معه رؤية جديدة، يحق لنا أن نتساءل: هل نحن أمام مجرد نسخة محسّنة من خطاب قديم بلغة عصرية، أم أمام منعطف فعلي يحمل في طياته إرادة سياسية وتدبيرية جديدة تنبني على الفعل لا القول، وعلى التراكم لا التنصل؟
سادتي الكرام؛
الرجل، ومنذ أيامه الأولى، بدا واعيًا بأن التحدي الحقيقي، لا يكمن في رسم المسارات المثالية على الورق، بل في اقتحام الحقول التي ظلت لعقود محرّمة بفعل تواطؤ الصمت، أو فوضى التسيير. مداخلاته الموجهة للمجالس لم تكن خطابًا خشبيًا، بل حملت أسئلة صريحة، وملامح مساءلة غير معلنة، كمن يلوّح بأن زمن الدبلوماسية الإدارية قد ولى، وأن القادم ينبغي أن يُقاس بميزان النجاعة لا المجاملة.
سادتي الكرام؛
ومع ذلك، لا تزال سطات، المدينة التي تشبه مفارقة وجودية، تتأرجح بين ذاكرة مثقلة بالخيبات، وراهن يغازل الأمل بحذر، حيث لا تزال تسائل نخبها: متى ننتقل من الهندسة الورقية إلى الورش الحقيقي؟ من اللقاءات البروتوكولية إلى المخرجات الملموسة؟ من لغة “سنفعل” إلى لغة “أنجزنا”؟
في انتظار الإجابة، يبقى المواطن السطاتي في الصفوف الخلفية، يحدّق في المَشهد ويتساءل، لا ببراءة، بل بحكمة من خذلته التجارب: هل عامل إقليم سطات الجديد سيكون استثناء؟ أم أن اللعبة لا تزال تدار بالسيناريو نفسه… ولكن بممثلين جدد.. فوحدها الأيام كفيلة بكشف الجواب عن نفس السؤال الذي طرحناه في افتتاحية مماثلة منذ عقد من الزمن.