شفووووني .. فاتح ماي بسطات

شفووووني .. فاتح ماي بسطات

شوارع روما لندن وباريس، شوارع اوطاوا ميكسيكو ونيويورك، شوارع طوكيو بيكين وسيول، شوارع الرباط البيضاء وسطات أيضا انحنت لتحية العمال في عيدهم الأممي، ورسمت شارة النصر لرفع معنوياتهم وهي تتذكر أنهم مروا من هنا السنة الماضية، ورددوا الشعارات والأهازيج والمطالب المتجددة نفسها.

في كل بلاد العالم، تكون الطبقة العاملة في الموعد لتلبس جبة القاضي للحكم على مختلف السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تديرها حكومات العالم، وحكمها يكون بمثابة الاختبار الذي ترتعد لنتائجه فرائص الماسكين بالقرار السياسي والاقتصادي.

أستميحكم عذرا لفصل المجموعة الأخيرة من مدن العالم المحتفلة بالعيد الأممي للطبقة العاملة، عن باقي حواضر العالم وراء البحار، فلا المقارنة مقبولة ولا التعميم منطقي، فشوارع مدينتي خلال الاحتفال المذكور، أصبحت أشجارها وأرصفتها تحفظ الشعارات والمطالب بالملمتر، لأن ما كانت الطبقة العاملة تطالب به منذ سنوات هو نفسه ما ستطالب به اليوم، وربما السنة المقبلة أيضا، وحتى أن تلويح الحكومة بورقة التوازنات الماكرو اقتصادية، وإجراءات تحسين المناخ الاقتصادي كأعذار للتخلي عن واجب تحقيق المطالب هي نفسها أيضا.

ففي الوقت الذي تسمر الملايين خلف شاشات التلفاز والحواسيب في انتظار هدية الحكومة للطبقة العاملة بمناسبة العيد الأممي (الحقوق المشروعة أصبحت هدية)، ومع ازدياد التكهنات وارتفاع سقف التفاؤل بأن يفعلها العم أخنوش ويرفع من الأجور، انجلت الحقيقة على بعد أيام فقط من الموعد، وأعلنت الحكومة المغربية عن اتفاق مع المركزيات النقابية على إقرار الزيادة العامة في أجور العاملين في القطاع العام الذين لم يستفيدوا بعد من مراجعة أجورهم، بمبلغ شهري صاف قدره 1000 درهم يصرف على قسطين ابتداء من أول يونيو 2024، ودفعة ثانية في شهر يناير 2025، كما شمل الاتفاق أيضا زيادة في أجور القطاع الخاص عبر رفع الحد الأدنى القانوني للأجر في النشاطات غير الفلاحية بنسبة 10%، تطبق على دفعتين، الأولى بنسبة 5% ابتداء من يناير 2025 و5% ابتداء من يناير 2026.

وحتى يكتمل المشهد الغرائبي، يتسمر المياومون والعاطلون من أبناء نفس الوطن وهم يرمقون هذه المشاهد الدرامية، التي لم يتسنى لهم الاستفادة من كعكتها سواء عبر الدعم الاجتماعي للفئات المعوزة أو زيادة الأجور بالنسبة للطبقة العاملة.

الغرابة لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل منتخبين وفعاليات سياسية يشاركون إخوانهم العمال ويرفعون شعارات تقريع الحكومة من أعلى منصات المركزيات النقابية، كما أن المفاجئة هو مشاركة عمال وموظفين يتقاضون أجورا سمينة تكفي لتغطية مصاريف أزيد من خمس عائلات مغربية، حيث  تخلى أغلبهم عن ربطات العنق واكتفوا بسراويل الجينز والأحدية الرياضية، للظهور بمنظر العامل المحتاج، ويلوحون بشارات النصر، منهم من اعتلى منصات الخطابة ويقول شعرا في العطاء ونكران الذات وخدمة الوطن، ومنهم من أعلن تفهمه لمطالب الطبقة العاملة وطالب هو الاخر بتحقيقها، والحقيقة أن الملام في هذا المشهد البئيس، ليس فقط الفعاليات السياسية سواء منتخبين أو برلمانيين وموظفي الأجور السمان، الذين لم يخجلوا واقتحموا عرس العمال، بل من سمح لهم بالتسلل لحضور الاحتفالات ممن يقال عنهم الزعماء النقابيين والله أعلم.

نافذة:

حسنا، فعلت عدد من الفعاليات النقابية بالانتقال من مدينة سطات نحو المدن المجاورة للاحتفال، نتيجة أن عاصمة الشاوية أصلا ليست مصدرا لفرص الشغل أو العمل، حيث جحافل اليد العاملة ترحل كل صباح نحو برشيد والبيضاء للعمل وتعود في أوقات متأخرة من الليل، وحسنا فعلت السلطات المحلية والأمنية بسطات، حين وجهت مسار مسيرات فاتح ماي، لكي لا تشمل المقطع الطرقي النابض بالإدارات العمومية من المدارة الطرقية لتقاطع شارعي الحسن الثاني وبوشعيب بلبصير في اتجاه المدارة الطرقية لمقر عمالة سطات، الذي بات خطا أحمر حتى ولو احترقت المدينة كلها بالعطالة ورائحة السمك والمشاريع الخاوية على عروشها….